شرائط الطواف
الأول: النية، ونريد بها أن تتوفر فيها العناصر التالية:
1- قصد القربة، 2- قصد الإخلاص، 3- قصد الاسم الخاص المميز له شرعاً.
وصورتها أن ينوي ويقصد بلفظ أو بدونه مثلاً: (أطوف حول البيت سبعة أشواط لعمرة التمتع، أو لحج التمتع من حجة الإسلام، أو لعمرة مفردة، أو حج الإفراد من حجة الإسلام قربة إلى الله تعالى خالصاً لوجهه الكريم). وإن كان الحج مستحباً أسقط كلمة (حجة الإسلام) وإن كان منذوراً بدّل كلمة (المستحب) بكلمة (المنذور)، وإن كان نائباً ذكر اسم المنوب عنه، ولا يجب التلفظ بالنية، بل يكفي وجودها في القلب، ويعتبر أن تكون النية بتمام عناصرها مقارنة للطواف بتمام أشواطه من الابتداء إلى الانتهاء، وهذا ليس بمعنى أن لا تتقدم عليه، بل بمعنى أن لا تتأخر عن أول جزء من أجزائه، كما أن المراد من المقارنة ليس بمعنى أنه يجب أن يكون الطائف منتبهاً إلى نيته انتباهاً كاملاً كما كان في اللحظة الأولى، بل بمعنى أنه إذا نوى وبدأ بالطواف، ثم ذهل عن نيته وواصل طوافه على هذه الحالة من الذهول صح شريطة أن تكون النية كامنة في أعماق نفسه على نحو لو سأله سائل ماذا تفعل لانتبه فوراً إلى أنه يطوف قربة إلى الله تعالى.
(مسألة – 294) لا يعتبر في النية التلفظ ولا إخطار صورة العمل تفصيلاً في القلب، بل يكفي أن يكون الداعي إلى العمل هو امتثال أمر الله تعالى والتقرب إليه المؤثر في وجود العمل، فالطواف وسائر العبادات الصادرة من المكلف مع التوجه والاختيار مثل سائر أفعاله الاختيارية.
الثاني: الطهارة من الحدثين الأكبر والأصغر:([1])
والحدث الأكبر هو ما يوجب الغسل كالجنابة والحيض والنفاس ومس الميت، والأصغر ما يوجب الوضوء، فلو طاف المحدث عمداً أو جهلاً أو نسياناً لم يصحّ طوافه.
(مسألة – 295) إذا أحدث المحرم أثناء طوافه فللمسألة صور:
الأولى: أن يكون ذلك قبل إتمام الشوط الرابع، ففي هذه الصورة يبطل طوافه وتلزمه إعادته بعد الطهارة، حتى فيما إذا كان صدور الحدث بعد بلوغ النصف على الأظهر.
الثانية: أن يكون الحدث بعد إتمامه الشوط الرابع ومن دون اختياره، ففي هذه الصورة يقطع طوافه ويتطهر، ويتمه من حيث قطعه.
الثالثة: أن يكون الحدث بعد إتمام الشوط الرابع مع صدور الحدث منه بالاختيار، والأحوط في هذه الصورة أن يتم طوافه بعد الطهارة من حيث قطع، ثم يعيده.
(مسألة – 296) إذا شك في الطهارة قبل الشروع في الطواف، فإن علم أن الحالة السابقة كانت هي الطهارة وكان الشك في صدور الحدث بعدها لم يعتن بالشك، وإلا وجبت عليه الطهارة قبل الطواف.
وإذا شك في الطهارة في الأثناء، فإن كانت الحالة السابقة هي الطهارة فحكمه ما تقدم، وإلا فإن كان الشك قبل تمام الشوط الرابع تطهر ثم استأنف الطواف، وإن كان الشك بعده أتمه بعد تجديد الطهارة.
(مسألة – 297) إذا شك في الطهارة بعد الفراغ من الطواف لم يعتن بالشك، وإن كانت الإعادة أحوط، ولكن تجب الطهارة لصلاة الطواف.
(مسألة – 298) إذا لم يتمكن المكلف من الوضوء لعذر فمع اليأس من زواله يتيمم ويأتي بالطواف، وإذا لم يتمكن من التيمم أيضاً جرى عليه حكم من لم يتمكن من أصل الطواف، فإذا حصل له اليأس من التمكن لزمته الاستنابة للطواف، والأحوط الأولى أن يأتي هو أيضاً بالطواف من غير طهارة.
(مسألة – 299) يجب على الحائض والنفساء –بعد انقضاء أيامهما- وعلى المجنب الاغتسال للطواف، ومع تعذر الاغتسال واليأس من التمكن منه يجب الطواف مع التيمم، والأحوط الأولى حينئذٍ الاستنابة أيضاً، ومع تعذر التيمم واليأس من التمكن منه تتعين الاستنابة، وإذا استطاعت استعمال العلاج لقطع دم الحيض ليتسنى لها مباشرة المناسك فهو احوط وأفضل لان المباشرة طاعة لا تفّوت.
(مسألة – 300) إذا حاضت المرأة في عمرة التمتع حين الإحرام أو قبله أو بعده قبل الشروع في الطواف فإن وسع الوقت لأداء أعمالها قبل موعد الحج صبرت إلى أن تطهر فتغتسل وتأتي بأعمالها، وإن لم يسع الوقت لذلك فللمسألة صورتان:
الأولى: أن يكون حيضها حين إحرامها أو قبل أن تحرم، ففي هذه الصورة ينقلب حجها إلى الإفراد، وبعد الفراغ من الحج تجب عليها العمرة المفردة إذا تمكنت منها.
الثانية: أن يكون حيضها بعد الإحرام، ففي هذه الصورة الأحوط أن تعدل إلى حج الإفراد أيضاً كما في الصورة الأولى، وإن كان الظاهر أنه يجوز لها الإبقاء على عمرتها من دون الطواف وصلاته، فتسعى وتقصّر ثم تحرم للحج، وبعدما ترجع إلى مكة بعد الفراغ من أعمال منى تقضي طواف العمرة وصلاته قبل طواف الحج.
وإذا تيقنت المرأة ببقاء حيضها وعدم تمكنها من الطواف حتى بعد رجوعها من منى، ولو لعدم صبر الرفقة، استنابت لطوافها وصلاته، ثم أتت بالسعي بنفسها.
(مسألة – 301) إذا حاضت المحرمة أثناء طوافها فإن كان طروء الحيض قبل تمام الشوط الرابع بطل طوافها وكان حكمها ما تقدم في المسالة السابقة، وإذا كان بعده صح ما أتت به، ووجب عليها إتمامه بعد الطهر والاغتسال والأحوط الأولى إعادته بعد الإتمام أيضاً.
هذا فيما إذا وسع الوقت، وإلا سعت وقصرت وأحرمت للحج، ولزمها الإتيان بقضاء ما بقي من طوافها بعد الرجوع من منى وقبل طواف الحج على النحو الذي ذكرناه.
(مسألة – 302) إذا حاضت المرأة بعد الفراغ من الطواف وقبل الإتيان بصلاة الطواف، صح طوافها وأتت بالصلاة بعد طهرها واغتسالها، وإن ضاق الوقت سعت وقصرت وقضت الصلاة قبل طواف الحج.
(مسألة – 303) إذا طافت المرأة وصلت ثم شعرت بالحيض ولم تدر أنه حدث قبل الطواف أو في أثنائه، أو قبل الصلاة أو في أثنائها أو أنه حدث بعد الصلاة بنت على صحة الطواف والصلاة. وإذا علمت أن حدوثه كان قبل الصلاة أو في أثنائها جرى عليها ما تقدم في المسألة السابقة.
(مسألة – 304) إذا أخرت المحرمة لعمرة التمتع الطواف وسائر الأعمال عمداً وبلا عذر إلى أن حاضت وضاق وقتها ففي هذه الصورة ينقلب حجها إلى الإفراد على الأحوط وجوباً، والأحوط أن تجدد الإحرام أيضاً وبعد الفراغ من الحج تأتي بعمرة مفردة، ولكن مع هذه الحالة في كفاية حجها عن حجة الإسلام إشكال فعليها إعادة الحج من قابل.
(مسألة – 305) يستحب الطواف مؤكداً والإكثار منه عن نفسه وعن غيره، ولا يشترط في الطواف المستحب الطهارة من الحدث الأصغر وإن اشترط الوضوء لصلاة الطواف، ولا يجوز للجنب والحائض والنفساء دخول المسجد الحرام ولو عصى أو غفل أو نسي ودخل المسجد وطاف استحباباً ففي صحة طوافه إشكال.
(مسألة – 306) من كان معذوراً من الوضوء أو الغسل الكامل كمن وظيفته وضوء أو غسل الجبيرة أو المسلوس أو المبطون يعمل لكل من الطواف وصلاته كما يعمله للصلاة الواجبة، والأحوط للمبطون الطواف بنفسه مع الاستنابة، واما المستحاضة([2]) فالأقوى جواز دخولها المسجد الحرام بدون الغسل أو الوضوء ولكن تعمل لكل من الطواف وصلاته كما تعمل لصلاتها اليومية.
الثالث: طهارة البدن واللباس من الخبث([3]) أي النجاسات على المشهور بين الأصحاب والدليل عليه غير ظاهر وإن كان الأحوط اعتبارها، نعم تعتبر الطهارة من النجاسة في صلاته فلا تصح بدونها، إلا إذا كان مما يعفى عنه في الصلاة كالدم إذا كان أقل من الدرهم، أو كان من القروح أو الجروح شريطة أن تكون في إزالته مشقة نوعيّة.
(مسألة – 307) إذا صلى ثم علم أن بدنه أو شيئاً من ملابسه كان نجساً في أثناء الصلاة صحت صلاته، ولا إعادة عليه، نعم إذا كان عالماً بوجود نجاسة في بدنه أو ثوبه ثم نسي ذلك وصلى وتذكر بعد الصلاة فالأحوط والأجدر به وجوباً إعادتها مرة ثانية.
(مسألة – 308) المشهور أن من اشتغل بالطواف وأصابت بدنه أو ثوبه نجاسة، أو علم أن بدنه وثوبه نجس فإن كان قبل إتمام الشوط الرابع قطع الطواف، وطهر الموضع المتنجس وكفاه أن يستأنف طوافاً جديداً، وإن كان بعد إكمال الشوط الرابع قطع وطهر وكان له أن يحتسب ما مضى، ويقتصر على تكميله، نعم إذا كانت النجاسة في ثوبه فقط، وأمكنه تبديله في نفس المطاف بدون حاجة إلى قطع الطواف كان له ذلك، ويواصل طوافه ولكنه لا دليل عليه، لذا فإنه على تقدير تسليم اعتبار الطهارة من النجاسة في صحة الطواف – إذ لا دليل على هذا التفصيل- فالأظهر أنه على كلا التقديرين يجوز له أن يحتسب ما مضى ويكتفي بتكميله شريطة أن تكون فترة خروجه للتطهير قليلة لا تخل بالموالاة عرفاً.
الرابع: الختان للمحرم من الرجال دون النساء، كما أن الأظهر اعتباره في الصبي المميز أيضاً شريطة أن يحرم بنفسه ومباشرة، وأن يطوف كذلك، ولا يعتبر في الصبي غير المميز إذا كان إحرامه من وليه.
(مسألة – 309) من طاف حول البيت وهو غير مختون كان كتارك الطواف فيبطل حجه، وإذا استطاع المكلف وهو غير مختون فلذلك صور:
الأولى: أن يكون متمكناً من الختان والحج معاً في سنة الاستطاعة، ففي هذه الصورة يجب عليه الحج، ولا يجوز له تأخيره.
الثانية: أن يكون متمكناً من الختان، ولكن لا يتمكن من الحج في هذه السنة فيؤجل الحج إلى السنة الأخرى.
الثالثة: أن لا يتمكن من الختان أصلاً لضرر أو حرج أو غير ذلك، ففي هذه الصورة يجب عليه الحج ويطوف بنفسه في عمرته وحجه، ويستنيب أيضاً من يطوف عنه ويصلي هو صلاة الطواف بعد طواف النائب.
الخامس: ستر العورة على الطائف –رجلاً كان أم امرأة([4])- فإن كان رجلاً فعليه أن يستر عورتيه، وإن كان امرأة فعليها أن تستر كامل جسمها عدا الوجه والكفين على نحو ما اشترط في الصلاة.
([1]) - سؤال: إذا أخذ من ماء زمزم المعد للشرب بمقدار الشرب وشرب مقدارا منه فهل يجوز له الوضوء بالمقدار المتبقي؟
بسمه تعالى: إذا كان المقصود بالسؤال مطلق ماء زمزم فانه معد للشرب وغيره، وان قصد به ماء زمزم الموقوف للشرب كالموجود في البرادات فالاحوط الالتزام بشرط الواقف.
سؤال: إذا كانت المرأة غير قادرة على الطواف، ودار الأمر بين أن يُطاف بها على سرير خارج المطاف او يحملها غير المحرم على ظهره ويطوف بها داخل المطاف، فماذا تفعل؟
بسمه تعالى: إذا أمكن الثاني تعّين ولا وجه للمصير الى الاول.
([2]) - سؤال: ما هي وظيفة المحتاطة بالجمع بين تروك الحائض واعمال المستحاضة في الطواف وصلاته؟
بسمه تعالى: عليها عرض المورد على الفقيه فلعله يحسم الامر على اي من النحوين او يرجعها الى من يجزم بذلك، اذ ليس كل موارد الاحتياط الوجوبي من نمط واحد.