في تأبين الفقيد سماحة آية الله الشيخ عبد الهادي الفضلي

| |عدد القراءات : 3495
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

بسم الله الرحمن الرحيم

في تأبين الفقيد سماحة آية الله الشيخ عبد الهادي الفضلي([1])

فُجع العالم الإسلامي برحيل سماحة آية الله الدكتور الشيخ عبد الهادي الفضلي، وفقد بوفاته عالماً رسالياً مصلحاً مثقّفاً أديباً حصيفاً، ونحن بأمسِّ الحاجة لجهود أمثاله ممن اجتمعت فيه هذه الصفات الكريمة لحل مشاكل الأمة والارتقاء بأبنائها.

عرفتُ سماحة الشيخ الفقيد منذ عقود حينما قرأت ما كان ينشر في مجلة الإيمان التي كان يصدرها والدي المرحوم الشيخ موسى اليعقوبي في النجف الأشرف منذ العام 1383/1963، حيث شخّص بفطرته ووعيه وإخلاصه منذ سنوات دراسته المبكرة حاجة المناهج الدراسية في الحوزة العلمية إلى التحديث وإعادة النظر لتواكب متطلبات الحياة المعاصرة وتحدّياتها، ولا عجب في ميله إلى المدرسة الإصلاحية فقد كان من طلبة العلاّمة المجدد الشيخ محمد رضا المظفر (رحم) في الحوزة العلمية وفي كلية الفقه فتأثّر بآرائه وأفكاره، واختار صفحات مجلة الإيمان ومجلة أضواء التي كانت يصدرها جماعة العلماء في النجف الأشرف ليطلق دعواته تلك، ولم تقف عند حدود التمنّيات والتنظير بل وضع فعلاً بعض الخلاصات للمنطق وأصول الفقه تأسّياً بأستاذه المظفر (رحم) واستمر بالدراسة والتدريس حتى حضر بحوث الخارج عند أبرز مراجع وعلماء العصر (قدس الله أرواحهم).

كما أدرك (رحم) في ذلك الوقت الفجوة الكبيرة بين الحوزات العلمية والجامعات الأكاديمية بل الشباب والمثقفين عموماً الذين انخرطوا في الحركات السياسية والأيدلوجيات البعيدة عن الدين، فرأى لزاماً عليه أن يعمل ما بوسعه لردم هذه الفجوة المصطنعة بمكر أعداء الإسلام وجهل أبنائه والمدّعين لسدانة مؤسسته الإلهية المباركة، وعرف أن العمل المثمر يكون بولوج هذه الجامعات من أبوابها بأن يكون عنصراً فاعلاً وصاحب قرار فيها فالتحق بكلية الفقه التي أسسها المرحوم الشيخ المظفر وكان من طلبة الدفعة الأولى التي تخرجت عام 1962 ثم واصل دراسة الماجستير والدكتوراه وحصل عليها من القاهرة بامتياز.

ومضافاً إلى ذلك فقد كان أديباً وعضواً في جمعية الرابطة العلمية الأدبية في النجف الأشرف التي أسّسها المرحوم جدّي الشيخ محمد علي اليعقوبي ونخبة من زملائه سنة 1931 وبقي عميداً لها أكثر من 30 سنة حتى وفاته عام 1965.

كل هذا يدل على أنه كان ذا همّة عالية وشعور كبير بالمسؤولية وأمل عريض برفعة الإسلام وعزّة أبنائه، ولم يكتف في عطائه بعمره في الدنيا الذي ناهز الثمانين، بل أضاف له عمراً ثانياً ممتداً بإذن الله تعالى حين طبّق الحديث النبوي الشريف (إذا مات المرء انقطع عمله إلاّ من ثلاث) فترك لنا مؤلفات نافعة ومؤسسات مثمرة وأنجالاً صالحين لتكون له صدقات جارية.

لقد رحل فقيدنا الجليل والجميع بحاجة إلى مساعيه الحكيمة للقضاء على الفتن والتوترات التي يعاني منها أحبتنا في أرض الحرمين الشريفين المباركة حرسها الله وأهلها من كل سوء ووقاها شر الأعداء المتربّصين، ونراهن على حكمة العقلاء من جميع الأطراف لتطويق الأزمة وفك عقدها بالحوار البنّاء والابتعاد عن الانفعال والتعصّب، وان يكون هاجس الجميع ازدهار البلد ورفاه أبنائه وعزّتهم وكرامتهم.

تغمّد الله تعالى فقدينا الراحل برحمته الواسعة وألحقه بالصالحين من عباده، وجعل روحه الطاهرة مصدر إلهام لإخواننا في المملكة ولجميع المسلمين في فعل الخيرات، والله ولي المؤمنين.

محمد اليعقوبي ــ النجف الأشرف

28/ج1/1434هـ  9/4/2013

 



([1]) من العلماء الأعلام في المملكة العربية السعودية، ولد في البصرة سنة 1354/1935 ودرس مقدمات العلوم الدينية عن والده ثم التحق بالحوزة العلمية في النجف الأشرف سنة 1368 وأكمل دراسة المقدمات والسطوح والتحق بأبحاث الخارج عند السيد الخوئي والسيد الحكيم والسيد محمد باقر الصدر والشيخ محمد رضا المظفر والشيخ محمد طاهر آل الشيخ راضي وغيرهم (قدس الله أرواحهم جميعاً).

التحق بالدفعة الأولى من طلبة كلية الفقه وتخرج فيها عام 1382/1962 وحصل على الماجستير من كلية الآداب في جامعة بغداد عام 1391/1971 وعلى الدكتوراه من جامعة القاهرة بدرجة امتياز عام 1396/1976.

غادر العراق إلى جدة عام 1391/1971 حيث عُيِّن استاذاً في جامعة الملك عبد العزيز وبقي مدرساً حتى عام 1409 حيث أحيل على التقاعد، واستقر في الدمام شرق المملكة.

أجيز بالرواية من المرحوم الشيخ آغا بزرك الطهراني عام 1374/1953، توفي يوم 27/ج1/1434 المصادف 8/4/2013. ونشرت كلمة التأبين في العدد (126) من صحيفة الصادقين الصادر في يوم الأربعاء 6 ج2 1434 المصادف 17 نيسان2013.