الشيخ موسى بن الشيخ محمد علي
موسى بن الشيخ محمد علي
1- نسبه وأسرته
هو الشيخ موسى بن الشيخ محمد علي بن الشيخ يعقوب بن الحاج جعفر النجفي.
ينتمي لأسرة عربية المحتد تتفرع عن قبيلة الأوس الأنصارية كما يظهر من شجرة نسب الأسرة التي ضبطها عدد من النسابة منهم المرحوم السيد مهدي عبد اللطيف الوردي والسيد عدنان القابجي والسيد عبد الستار الحسن وبالرجوع إلى مصادر موثوقة أشير إليها في محلّها، وقد ذكر السيد الوردي في كلمته التي أطّر بها شجرة النسب: انه أثبت هذه التفاصيل في كتابه (تحفة الزمان في نسب بني قحطان) مع فروعهم.
وقد ورد ذكر آل اليعقوبي في جدول البطون والعشائر التي يرجع نسبها إلى قبيلة الأوس في كتاب (إشراقة النفس في معرفة أعلام الأوس) المطبوع عام 2001م جمع وإعداد الحاج جاسم محمد راضي الأوسي وهو الشيخ العام لقبيلة الأوس بإشراف ومراجعة الدكتور رعد طاهر باقر والدكتور سلام كاظم الأوسي، كما ورد ذكرهم ضمن فروع قبيلة الأوس في الصفحة 57 من كتاب معجم العامري للقبائل والأسر والطوائف في العراق-الملحق) لمؤلفه ثامر عبد الحسن العامري، الطبعة الاولى عام 2001، كما ورد نسبهم وانتماءهم إلى قبيلة الاوس بالتفصيل في حرف الياء ص154 من المعجم نفسه.
وقد سكنت الأسرة مدينة النجف الأشرف منذ مدة بعيدة لا نعرفها بالضبط لكنها بعيدة حتماً ونستشف ذلك مع قول الشيخ يعقوب[1] (جد المترجم لهِ) المتوفى سنة 1329هـ/ 1910 حين قدم من السماوة إلى النجف[2] لزيارة مشهد الإمام علي (عليه السلام):
تغرّبت عن أرض الغري فلم تكن تقرّ عيوني أو تطيب حياتي
حبست ركابي عندها اليوم بعدما أذبتُ عليها النفس بالزفراتِ
مواطن آبائي بها وأحبتي وفيها مغاني أسرتي وسراتي
فمن تربها أصلي ومبدأ نشأتي وأرجوا بها مثواي بعد وفاتي[3]
ومما ذكر في بعض المصادر[4] ان الحاج جعفر المولود في النجف (1200- 1289/ 1785- 1872) والد الشيخ يعقوب جد المترجم كان معتمد المجتهد العلامة الشيخ موسى بن الشيخ الأكبر كاشف الغطاء المتوفي سنة 1243هـ الملقب بالمصلح بين الدولتين (العثمانية والصفوية) في صرف النفقات التي يرسلها الصدر الأعظم لبناء سور النجف.
وقد عُرف أفرادها بالولاء لأهل البيت (عليهم السلام) منذ القِدَم نذكر على سبيل المثال دليلاً على ذلك ما جاء في كلمة السيد الوردي عند تشجيره نسب الأسرة، فقد قال: (وبعدُ فقد شجّرنا هذا النسب الصحيح وبالشرف صريح كيف لا يكون كذلك وجدّهم الشهيد مع جدّنا زيد الشهيد وهو معاوية بن إسحاق بن زيد بن حارثة بن عامر بن مجمع بن العطاف الأوسي الأنصاري فلهم معنا خلطة الولاء، والموالي مع وليه، ويكفيهم شرفاً أنهم لم يشتركوا في محاربة ابن الرسول الأعظم (صل الله عليه واله) أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) مع سائر العرب الذين حاربوه ظلماً وعدواناً)إ هـ
وكان معاوية بن اسحق بن زيد بن حارثة ممن آوى زيداً الشهيد وقاتل بين يديه قتالاً شديداً حتى استشهد سنة 121[5] ولدى مراجعتي لمعاجم الصحابة وجدت اختلافاً في اسم زيد بن حارثة المذكور ولعله من اشتباه النسّاخ، فقد اثبت الطبري في تاريخه وأبو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبين ما ذكرناه، أما في الإصابة لابن حجر[6] فإنه يزيد بن جارية بن مجمع بن العطاف، وفي الاستبصار في نسب الصحابة من الأنصار لابن قدامة المقدسي[7] هو يزيد بن حارثة أو هو زيد بن جارية وكان ممن استصغره النبي (صل الله عليه واله) يوم أحد وشهد صفين مع أمير المؤمنين (عليه السلام)[8] ومثل هذا الاختلاف في تنقيط الحروف ونحوها مما شاع وروده في كتب التاريخ والرجال.
وكان يقال لبني عامر بن مجمع بن العطاف في الجاهلية (كسر الذهب) لشرفهم في قومهم[9] وزادهم انتسابهم إلى الإسلام شرفاً فقد آووا النبي (صل الله عليه واله) ونصروه وآمنوا به وقد أنجب هذا البيت صحابة إجلاء كعاصم بن ثابت وهو بدري قتل يوم الرجيع شهيداً وحنظلة بن أبي عامر غسيل الملائكة المستشهد يوم أحد وابنه عبد الله الذي قاد ثورة المدينة ضد يزيد بن معاوية.
ولكل من والد المترجم (الشيخ محمد علي) ولجدّه (الشيخ يعقوب) ديوان خاص جمعا فيه بعض ما قالاه في مدح ورثاء أهل بيت النبوة.[10]
ومما قاله الشيخ محمد علي 6 في ولائه لأهل البيت (عليهم السلام).
بني الوحي يوم الحشر انتم ذريعتي ولم أدخر إلا ولاكم به ذخرا
كفاني في الدنيا ولاءكم غنّى إذا كنت لم أملك حطاماً ولا وفرا
ترفعت عن مدح الورى ونوالها فلم انتجع إلا نوالكم الغمرا
عليكم حبست الحب لست أبيعه ورب نفيس لا يباع ولا يُشرى
سما فيكم قدري وعزت مكانتي وكم خادمٍ يسمو بساداته قدرا
وما شأن أبياتي وما قدر ذكرها إذا الله في أبياتكم أنزل الذكرا[11]
وتميزت الأسرة بالخطابة والأدب واشتهر بها عدد ليس بالقليل منهم حتى صار هذان الاتجاهان سمة بارزة لها بل ارثاً يتوارثه الأبناء عن الآباء وفي ذلك قال الشاعر الحاج عبد المجيد العطار الحلي المتوفى سنة 1342 هـ /1923م وقد حضر مأتماً حسينياً وكان الشيخ محمد علي خطيب ذلك المحفل، فلما نزل من المنبر خاطبه بهذين البيتين:
خلت المنابرُ من أبيك وأوحشت واليوم منك زهت بخير خطيب
ارث الخطابة آل يعقوب بكم (ارث النبوة في بني يعقوبِ)[12] [13]
وتكرر نفس الموقف مع المترجم له، ففي أثناء احيائه مجالس الخطابة الحسينية في مدينة العمارة بعد وفاة والده، خاطبه الشاعر الأستاذ عبد الكريم الندواني بأبيات منها:
انت امرؤٌ ورث الخطابة حبوةً موهوبةً من والدٍ موهوبِ[14]
وفي هذه المقدرة الخطابية النادرة يقول الشيخ محمد السماوي مخاطباً الشيخ يعقوب 6:
اذا ارتقى المنبر الأعلى شهدن له ألفاظه الغر أو أقواله الحكم
ترى الأنام سكوتاً عند منطقه كأنه مضرحي والورى رخمُ[15]
وقال عنه الشيخ السماوي في كتابه الطليعة: (وعمل في الحسين روضة مرتبة على الحروف تناهز كل قصيدة منها مائتي بيت ونيف فلمته على ذلك وأشرت عليه بانتخاب القوافي فقال: أنا أنظم حتى لا أدع قافيةً لغيري).
وقد أجاد الدكتور الشيخ أحمد الوائلي في كتابه (تجاربي مع المنبر) حين وصف قابليات الشيخ محمد علي اليعقوبي ومواهبه واستفادته هو وخطباء عصره وصفاً رائعاً، وهناك مقالات وقصائد إضافية في عدد خاص من مجلة الإيمان تجاوز الـ(400) صفحة صدر بمناسبة وفاة الشيخ اليعقوبي عام 1965.
وبسبب هذه الشهرة كتبت مصادر كثيرة عن إعلام هذه الأسرة في حياتهم وبعد وفاتهم تجد أسمائهم في مظانها، وقد جمع أحد الباحثين مصادر الدراسة عن حياة الشيخ محمد علي وفي حياته فكانت أربعين مصدراً[16] كما ان الشيخ المذكور أصبح موضع دراسة للعديد من الرسائل الجامعية لنيل شهادة الدراسات العليا منها للسيد عبد الصاحب الموسوي وأخرى للأستاذ فاضل محمد عبد الله الزبيدي.
وقد صدر مؤخراً كتاب ضخم بعنوان (الشيخ اليعقوبي: دراسة نقدية في شعره في ديوانه المخطوط) بقلم الدكتور السيد عبد الصاحب الموسوي وهو من منشورات مركز البحوث العربية الإسلامية في كندا عام 1995.
وممن ذكرت تراجمهم في المعاجم من أعلام الأسرة: صاحب الترجمة الشيخ موسى وأبوه شيخ الخطباء الشيخ محمد علي وجده الشيخ يعقوب وعمه الشيخ مهدي وأخوه الشيخ صادق وابن عمه الشيخ هادي.
2- ولادته
ولد في 9 جماد الأولى 1345 هـ الموافق 17/11/1926م[17] وقد أرخ[18] ولادته الشيخ علي البازي قائلاً:
بشرى أبا موسى ففي موسى المنى وافى وأضحى ربعكم مأنوسا
(بالخمس) من أفعى الأسى عوّذتُه أرخ (ومنها لا تخف يا موسى)
5+ 102+ 1111 + 127= 1345
وفيه إشارة لا تخفى على القارئ اللبيب[19] وللعلامة السيد رضا الهندي المتوفى 1362/ 1943 بهذه المناسبة:
أمحمد الندبُ العلي ومن جرى للناس زاخر فضله قاموسا
اطلقت أسر المكرمات بأسرها فغدا عليك ثناءها محبوسا
أضحى لسانك للهداية حارساً فبقيت ما بقى الهدى محروسا
ان يطغَ فرعون الهموم ببغيه أرخ (بلوغ مناك مولد موسى)[20]
وبمناسبة ختانه نظم المرحوم السيد مهدي الأعرجي[21] قصيدة رائعة نذكرها خدمة للأدب والأدباء:
ماس يزهو تخاله طاووسا يخجل البدر وجهه والشموسا
ان رنا أخجل الظبى أو تشنّى مزحاً أخجل الغصون الميسا
ذو لحاظٍ أنضى من السيف فـ ـي كفِ همام به يردَّ الخميسا
وخدودٍ كأنهنَّ رياض طرّزَ الحسن وردها تجنيسا
ملكٌ عرشه القلوب فماذا عرش بلقيس فانظرا بل قيسا
راهب الدير لو رأى القرط في اذنيـ ـه عاف الصليب والناقوسا
لست أنسى إذ زارني وهو مذعـ ـور يخاف الرقيب والجاسوسا
فوفى لي بالوعد من بعد ما كنـ ـت قنوطاً من وعده مأيوسا
فوفى لي فعاد بالبشر والسعد برؤياه يستزيل النحوسا
مثل ما عود السرور بيوم كان فيه ختان ذي المجد موسى
من تربى طفلاً بحجر اب فاق ابن سينا أعني بذاك الرئيسا
عبقري ان رمت تسأل عن لفـ ـظٍ تجد رحب صدره قاموسا
كم له من سبائك ذهبيات حسان حلّى بهنَّ الطروسا
يتغنى بها إذا ما سرى الركـ ـب وتحدو الحداة فيها العيسا
فإذا امسك اليراع بكفيـ ـه تخال السطور دراً نفيسا
أو رقى منبر الخطابة للوعـ ـظ على الجالسين يلقى دروسا
فكما قد رأى ختان ابنه النـ ـدب ولا زال شخصه محروسا
اسأل الله أن سيبقى إلى أن بيديه له يزفّ العروسا
وأشاد الإله دارك بالعـ ـز ولا زال ربعها مأنوسا
3- دراسته وخطابته
لما بلغ الخامسة من عمره وضعه والده عند أحد الكتابين ليتعلم القراءة والكتابة وكان والده يدأب عليه ويعلمه بعض الآيات الكريمة ويصحبه في مجالسه العامة.. ولما بلغ الثانية عشر من عمره كلّف والده بعض العلماء والأفاضل بتدريسه الدروس الدينية فدرس اللغة العربية عند العلامتين الشيخ محمد علي الحلي والشيخ عبد الله الشرقي ودرس الفقه على يد العلامة الشيخ عباس المظفر والبلاغة على يد العلامة الشيخ باقر القرشي، ودخل المدرسة الأحمدية التي كان يشرف عليها العلامة المجاهد الجزائري وتخرج في المدرسة سنة 1372هـ / 1953م وعُيِّن مدرساً فيها.[22]
أما خطابته فقد أخذها عن أبيه 6 الذي تفرّد بلقب (شيخ الخطباء) لأنه صاحب مدرسة تجديدية في الخطابة[23]وقد بدأها بقراءة المقدمة قبل والده 6 وذلك بأن يتلو –بطريقة خاصة- قصيدة في رثاء الإمام الحسين 8 لأحد كبار الشعراء قبل أن يرتقي الخطيب المنبر.
ولم يستقل المترجم بنفسه في حياة والده إلا نادراً حتى توفي 6 فأخذ مكانه في بعض المآتم الحسينية وجاب عدداً من المدن داخل العراق وخارجه.
وكانت له بعض الطرق والعادات المنبرية سمعته أكثر من مرة يقول عنها انه ورثها عن والده عن جدِّه عن الخطيب المقدس الشيخ جعفر الشوشتري أو التستري المتوفى سنة 1303هـ / 1885م 6.
4- سيرته
بدأ حياته طالباً للعلم وفيما سوى ذلك مرافقاً لأبيه في مجالسه العامة والخاصة في حضره وسفره، فقد كان أثيراً لدى والديه يحوطانه بمحبّةٍ جمّة، فهو الأكبر من نسلهما وهو السلوة عما فقداه من البنين وكان من المفقودين ثلاثة في عام واحد، وتوجد في ديوان اليعقوبي[24] مرثية رائعة فيهم تطفح بالأسى والأحزان وتفتت القلب، وكان المترجم من جانبه برّاً بوالديه بشكل ملحوظ سجله له الآخرون ومنهم والده الشيخ محمد علي ففي آخر سفرة له إلى بلاد الشام صيف عام 1965 وكان يصحبه ولده الشيخ موسى وحفيده علي[25] وفي محضر عدد من الأدباء والعلماء منهم السيد هادي الفياض رئيس جميعة منتدى النشر والشيخ عبد الغني الخضري عميد جمعية التحرير الثقافي في النجف والمرحوم السيد مصطفى جمال الدين والمرحوم الشيخ عبد المنعم الفرطوسي والشيخ محمد حسين الصغير والشيخ محمد جواد السهلاني، وكان الشيخ محمد علي قد قال مخطاباً حفيده علي:
اعليُّ جدُّك لم يزل يدعو لعلي الله جدَكَ
سر للمكارم واجتهد وأطل لنيل الفضل جدك
وأطع أباك وكن له كأبيك حين أطاع جدَك
فتذكرها الحاضرون واستحسنها عدد من الأدباء وشطروها منهم الشيخ الخضري والشيخ عبد المنعم الفرطوسي وكان تشطيره:
(أعليُّ جدُّك لم يزل) يعلى بافق الفخر مجدك
بالذكر في صلواته (يدعو لعلي الله جَدّك)
(سر للمكارم واجتهد) وابذل لنيل الفوز جهدك
أقصر خطاك على العلى (وأطل لنيل الفضل جدك)
(وأطع أباك وكن له) عبداً لغدوا الابن عبدك
واخفض جناحك طاعة (كأبيك حين أطاع جدّك)
وقال الخضري في تشطيره:
(أعليُّ جدُّك لم يزل) يبني فزد للمجد حمدك
ليلاً نهاراً قانتاً (يدعوا لعلي الله جدك)
(سر للمكارم واجتهد) ما استطعتَ للعلياء جهدك
اسهر لتحضا بالعلى (وأطل لنيل الفضل جدك)
(وأطع أباك وكن له) رفداً يكن ذو العرش رفدك
عشت المطيع لأمره (كأبيك حين أطاع جدّك)
وفي احد سفرات أبيه –ولم يكن قد اصطحبه فيها- بعث إليه وهو في النجف قصيدة متشوقاً له وموّجهاً إياه، نقتطف منها هذه الأبيات:
بعُدت وأنت من قلبي قريبُ وعنه عيني خيالك لا يغيبُ
جزعتُ وهل يطيق الصبر يوماً محبٌّ عنه قد شطّ الحبيبُ
بُنيَّ حللتَ من قلبي مكاناً به لم يُلفَ واشٍ أو رقيبُ
إذا ما غبت عني بعض يومٍ كأني بين أحبابي غريبُ
ليالي لو رأيتك لا أبالي أيبدو البدر فيها أو يغيبُ
كأن العين بعدك في الدياجي من التهويم ليس لها نصيبُ
ولولا أن تراقبَ منك طيفاً لما كان الرقاد لها يطيبُ[26]
وفي ذي القعدة 1367هـ الموافق أيلول 1948م تزوج من ابنة عمه الشيخ مهدي[27] اليعقوبي فكان زواجه عرساً اجتماعياً وأدبياً، أما اجتماعياً فلما يتحلى به والده من مكانة مرموقة وجاه عريض بين أوساط المجتمع على اختلاف طبقاته، وأما أدبياً فلان مجالس الأفراح التي عقدها له أصدقاءه وأقرانه واستمرت زمناً طويلاً كانت تزدان بالقصائد الرائعة والمقاطيع الرنّانة وقد بلغ مجموع أبيات هذه القصائد والمقاطيع –في حدود ما نحتفظ به- ما يناهز 700 بيتاً.
ونحن حرصاً منا على تسجيل هذا التراث الضخم وهذا الجانب الفريد من الحياة الأدبية في مدينة النجف الأشرف سنثبت نصوص هذه القصائد في ملحق بهذا الكتاب.
ولا يفوتنا أن نذكر انه خلال مراسم عقد القران التي أقامها والد المترجم واستمرت ثلاثة أيام تشرف هذا الخير برعاية المرحوم آية الله السيد محسن الحكيم (قدس سره) حيث توجّه بالعمامة ليأخذ نهج أبيه وجدّه (رحمهم الله جميعاً).
وفي منتصف الأربعينات شارك مع جماعة في تأسيس لجنة الشباب النجفي - وستأتي الإشارة إليها فيما بعد-.
وبعد عام 1958 عندما عصفت بالعراق تيارات فكرية منحرفة أدت إلى تمزيق المجتمع الواحد طرائق قدداً، فكر بعض المخلصين في إقامة حفلات كبرى إحياءاً لذكرى مواليد المعصومين من أهل البيت (عليهم السلام) لتكون فرصة لتوعية الأمة وتحذيرها من الهدم التي تمارسه هذه الأفكار المستوردة وإعادتها إلى إسلامها العزيز وقيادتها الرشيدة المتمثلة بالمرجعية العامة، فساهم المترجم في إحيائها بإلقائه قصائد والده الخالدة بطريقة مميزة فكان هذا الثنائي – اعني به طريقة إلقاء المترجم وشعر والده – قطب الرحى الذي تدور عليه الحفلات، وأتذكر أنني عندما كنت طالباً في الدراسة المتوسطة في مدارس الإمام الجواد الأهلية في الكرادة الشرقية عام 1974 وجاء دوري لإلقاء قصيدة في درس الأدب العربي قال لي أستاذ المادة ما مضمونه: أريد منك إلقاءاً على طريق أبيك فقد كان أشهر من قفا نبك، وهو مثل يُضرب للشهرة المفرطة.
انتخب مرتين في الستينات مديراً لإدارة جمعية الرابطة الأدبية في النجف.[28]
وبعد وفاة والده عام 1385 هـ جـ/ 1965 واستقلاله بالخطابة أخذ يجوب مختلف المدن العراقية وغيرها حسب الطلبات التي تقدّم إليه، ونظراً لكثرة تردده على بغداد وبتوجيه من المرجع الكبير المرحوم السيد محسن الحكيم (قدس) ورغبة من معتمده وموضع ثقته آنذاك –ابن خالة المترجم- المرحوم السيد هادي الحكيم ولمتطلبات منبرية وإصلاحية أزمع الرحال إلى بغداد والإقامة فيها.
فسكن بغداد منذ مطلع عام 1968 لكنه لم ينقطع عن النجف ومناسباتها وعلاقتها فهو ابنها واستقر حبها في قلبه وله في كل مكان كرى لأحبائه وأعزائه، وفوق كل ذلك فإن في النجف مرقد أمير المؤمنين (عليه السلام) ومقر المرجعية الشيعية فلا غرو ان تهفو إليها النفوس وتهوى إليها الأفئدة وكأن الأستاذ محمد جواد الغبان[29] يعبّر عن مشاعر الشيخ موسى وهو يشتاق إلى النجف وأهلها بعد أن سكن بغداد وبقيت الروح ترنو إلى موطنها فبعث الغبان بقصيدة إلى خاله الشيخ محمد علي اليعقوبي نقتطف منها هذه الأبيات، وقد رواها لي شفاهاً عمي الاستاذ صادق اليعقوبي[30] بمحضر الاستاذ الغبان:
تحية بلهي الشوق تضطرم يزفّها لك قلب شفّه الألم
لم يجرِ بالحبر لكن بالدموع جرى مذ راح يكتب عن أشواقي القلمُ
حنّت لكم نفسي الظمأى ولا عجبُ ففيكم لظماها مورد شبم
سل أنجم الليل عني فهي شاهدة بأنني أرق أودي بي السأمُ
إن ردّد الطير انغاماً بأيكته فكرم بفمي أضحى هو النغم
هواكم في حنايا القلب منطبع لذا تحيّر في تصويره الكلمُ
أقام الصلاة جماعة بأمر من المرجع الأعلى السيد محسن الحكيم في عدة مناطق من بغداد ثم تفرّد بمدينة الفضيلية وفي عدد من مساجدها حسينياتها منذ عام 1969 وبعد وفاة السيد الحكيم (قدس) أقرّه في مكانه المرحوم آية الله السيد الخوئي (قدس) وكتب له إجازة شرعية نصّها: (بسمه تعالى.. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين، لا يخفى على اخواننا المؤمنين وفقهم الله لمراضيه ان جناب الشيخ العلامة الفاضل الشيخ موسى نجل المرحوم الخطيب الشيخ محمد علي اليعقوبي دام تأييده مجاز من قبلنا في نقل الفتاوى الشرعية من الرسائل العملية وارشاد العوام ومجاز في أخذ الحقوق الشرعية المنطبقة عليه وأخذ سهم الإمام أرواحنا فداه بمقدار معاشه وينبغي للمؤمنين احترامه وإكرامه والاعتناء بشأنه وأوصيه دام توفيقه بملازمة التقوى ومراعاة الاحتياط فانه سبيل النجاة والسلام عليه وعلى سائر اخواننا المؤمنين ورحمة الله وبركاته. 5/ج1/1390 هـ جـ أبو القاسم الموسوي الخوئي.
وظل هناك حتى وفاته، ورغم ما يسود ابناء هذه المدينة وتقاليد الأعراب الذين يمتهنون تربية الدواب من جهل مطبق وتقاليد وأعراف جاهلية الا انه استطاع بفضل الله سبحانه وبما تميز به من سعة صدر وقلب ليِّن ونزاهة وعدم طمع بما في أيدي الناس ورحمة وحب للآخرين واطلاع واسع على نوعية المعيشة في مثل هذه المجتمعات أثناء تجواله في مدن الفرات وعشائرها بصحبة والده أو مستقلاً بنفسه وبما تميز به من جاه اجتماعي وسمعة واسعة بحيث كان رؤساء العشائر الذين يزورون اتباعهم في المدينة يظهرون له منتهى الاحترام لمعرفتهم القديمة به ومن خلال مشاركاته لهم في أفراحهم وافراحهم وحلّ مشاكلهم وهذه صفات قلّما تجتمع في شخصية وكلاء المرجعيات الشريفة لذلك كان قليلاً أولئك الوكلاء الذين تركوا بصماتهم في حياة المجتمع وبقي الناس يتذكرونهم رغم مرور عشرات السنين على غيابهم وأقول استطاع أن ينقل هذا المجتمع إلى مرحلة أفضل بشكل ملحوظ واستفاد عدد من أفراده استفادة كبيرة من خلال الوعي الديني العام أو بتحسين أداء العبادات كمّاً وكيفاً أو تصحيح المعاملات.
ومن مظاهر هذا التغيير الايجابي:
1- في عام 1973، 1974 كان للمدينة المذكورة موكبٌ يتقدمه المترجم يذهب إلى كربلاء بمناسبة زيارة الأربعين ليقدم تعازيه الى الأمة الإسلامية وآل البيت (عليهم السلام) وينشد مراثي العاطفة والولاء ويردّد أهازيجها وهو يخترق شوارع بغداد حتى كربلاء ولا زلت أتذكر بعض أشعارهم في الحماس والولاء.
2- تشجيع الشباب على الثقافة الدينية والأدبية والتاريخية واعتلاء منابر الخطابة وتقديم الهدايا لهم من كتب وأموال، وقد نشأ في المدينة عدد معتد به، وقد علمت مؤخراً أن بعضاً منهم يقيم الصلاة جماعة الآن في المدينة.
3- فتح دورات لتعليم الصغار العلوم الدينية بشكل مبسط مع استعمال سبورة كبيرة لايضاح المعلومات وتدوينها، وقد كنت المدرّس لهم وأنا دون سنّ البلوغ فاعطيهم ما استفدته من مطالعاتي ومما التقطه من مجالس والدي رحمه الله ومن دراستي للعلوم الحوزوية التي التحقت بها وأنا ابن عشر سنين في دورات كان يقيمها المرحوم السيد العلوي في مدينة العبيدي ببغداد خلال العطلة الصيفية سنة 1970 وربما السنة التي تلتها أيضاً.
4- إقامة الاحتلافات في المناسبات الدينية ولازلت أتذكر الاحتفال الكبير الذي أقيم بمناسبة المولد النبوي الشريف سنة 1970- 1971 وألقيت فيه قصيدة جدي الموجودة في كتاب الذخائر ومطلعها:
وأوفى بنعت القرآن أنّى يحيط بها فمٌ ولساني
5- إقامة الاحتفالات التأبينية للعلماء وممن أقيم لهم مجلس الفاتحة المرحوم آية الله السيد محمد تقي بحر العلوم والد المرحوم آية الله السيد حسين سنة 1973 والسيد هادي الحكيم سنة 1971 وقد حضر الاحتفال الأول السيد نجل المتوفّى وبعض أعلام الأسرة، كما هي السيرة الجارية في مثل هذه المناسبات.
6- تمثيل وقعة كربلاء يوم عاشوراء وتوزيع أدوارها على أبناء المدينة نفسها حيث تنتهي بتصوير مصرع الإمام الحسين (عليه السلام) وتشييع رمزي له إلى المسجد الجامع، وكان هذا في بداية السبعينات، وهو عمل يتطلب الاطلاع على التفاصيل التاريخية للواقعة وحفظ نصوصها.
7- ذهاب العشرات منهم كل عام إلى حج بيت الله الحرام وكان المترجم رحمه الله يصحبهم مرشداً وموجّهاً.
8- تشجيع أبنائهم على الدراسة الأكاديمية وتحصيل الشهادات العالية والاختصاصات الرفيعة وقد كان المدينة معرّضة عن مثل هذه الدراسات كما هو شأن هذه الشريحة الاجتماعية وترى الآن منهم الأطباء والمهندسين وغيرهم.
9- محاربة بعض العادات والتقاليد المنحرفة لدى المجتمعات الجاهلية والقضاء على التناحر والتقاتل الذي كان بين العشائر بحيث اجتمعوا بنعمة الله اخواناً وصاروا مجتمعاً واحداً تحت راية العقيدة والولاء ولا تجد لتلك النعرات العشائرية الطويلة التي أزهقت النفوس أثراً، ومن العادات التي وقف بشدة في وجهها جلب (الشاعرة) في مجالس العزاء للنساء، وهي امرأة تلقي القصائد في رثاء الميّت لتثير حزن ذويه وكانت تقرأ بمكبرة الصوت على مسمع من الرجال وتلقي الشعر الذي يحفزهم على القتال والأخذ بالثأر وتوبيخ المتخاذلين مما يؤدي إلى إثارة عصبيتهم وإيقاد نار الفتنة من جديد، فقضى عليها نهائياً ولم تعد تسمع لها صوت من المدينة.
10- رفع الظلم والحيف عن المرأة واعادة مكانتها الاجتماعية، فإن الذي عاش مع هذه المجتمعات يعرف جيداً الاهانة والقساوة التي تعامل بها المرأة ولا يذكر اسماها إلاّ ومعه عبارات الحط منها والترفع عنها، فكان ينهرهم عن ذلك ويوبخهم وينقل لهم أدب المعصومين (عليهم السلام) في احترام المرأة واحياناً عندما يُدعى إلى بعض البيوت التي تأتي النساء بالسلام عليه من وراء حجاب فيكرمهن ويشكرهن على حسن الضيافة، فتحسنت شيئاً فشيء نظرة ذلك المجتمع إليها.
والذي يعرف حال المدينة وأهلها في تلك الفترة يحصل له اليقين بأن مثل هذه الإنجازات هي أشبه بالمعجزة وهُم خير من يعلم ذلك وحسب ما سمعت فإنّهم لا زالوا وبعد عشرين عاماً من وفاته يقرؤون له سورة الفاتحة عقب انتهاء كل صلاة جماعة ويلزمون أئمة الجماعة الذين تعاقبوا على المدينة بذلك اعترافاً بفضله العظيم على المدينة وأهلها والفضل لله.
حج البيت الحرام عام 1969م وهناك عرض عليه إقامة مأتم حسينية في إمارة دُبي فلبّى الطلب وقضى شهر محرم وصفر هناك، سافر أيضاً إلى سوريا ولبنان والأردن وزار العتبات المقدسة فيها عدة مرات كما زار بعض مدن جنوب إيران.
أدّى مناسك الحج سبعة مرات أو أكثر مرشداً دينياً لقافلة من قوافل الحجيج كان آخرها عام 1979م.
ومنذ سنة 1979م قلّص نشاطه بسبب ظروفه آنذاك والبلاءات العديدة التي كان يمرّ بها وترك عدداً من مهامه كالخطابة والتوجيه الديني لقوافل الحجيج كما قلّل من خروجه لصلاة الجماعة ومن لقائه بأقرانه و إخوانه لذا عاش كالغريب في ضيق نفسي شديد حتّى وفاته و قبل وفاته بأيام ذهب وكنتُ معه لتوديع الاستاذ محمد جواد الغبّان الذي كان ينوي السفر إلى لندن وهناك بكى على غير عادته وهو الصبور الجلد فسأله الغبان باستغراب عن السبب فقال: يا أبا مهند لقد سئمتُ الحياة.
عرف المترجم بطيبة القلب وسعة الصدر وخدمة الناس القريب منهم والبعيد بل نستطيع أن نقول أنّه جنّد نفسه لذلك، وكان حلو المجالسة بما تميّز به من ظرافة ونكتة حاضرة، وكان محبوباً وصولاً للرحم مهاباً ذا جاه اجتماعي عريض ومنزلة رفيعة لدى مختلف طبقات الناس من علماء ومسؤولين وإداريين وتستطيع أن تطّلع على منزلة المترجم هذه من خلال التعرّف على الرسائل والبرقيات التي أُرست له بمناسبة وفاة والده (رحمه الله) حيث نشر قسم منها في مجلة الإيمان،[31] فاستفاد من جاهه هذا –كما كان يفعل والده- ليقضي حوائج الناس ويفرّج همهم، وكان موالياً لأهل البيت (عليهم السلام) محباً لهم ودائباً في إحياء ذكرهم استجابة لأمرهم المقدّس: (احيوا امرنا، رحم الله من أحيا أمرنا) فحشره الله تعالى معهم وأناله شفاعتهم.
5- آثاره العلمية والاجتماعية
مرت إشارة إجمالية ضمن الفقرة السابقة إلى بعض انجازات المترجم على صعيد الاجتماعي، ففي الأربعينيات أسس مع جماعة لجنة الشباب النجفي، يقول عنها المترجم في مقدمة كتاب (ذكرى عيد الغدير) الذي سيأتي ذكراه: (منذ عدة سنوات قام بعض شباب النجف بتشكيل لجنة أدبية باسم (لجنة الشباب النجفي) غرضها تمجيد أهل البيت (عليهم السلام) وإحياء ذكراهم وقد قامت اللجنة المذكورة بعدة احتفالات كبرى تعظيماً لذكرى أهل بيت العصمة (عليهم السلام).
وفي نفس الفترة كان مع ثلة من أقرانه من أبناء الأسر العلمية والدينية يدعون إلى التطوير والتحديث في الحوزة العلمية ونبذ بعض الأساليب المتّبعة لتعيين المرجع والتي فشلت أحياناً في اختيار الأصلح وكانت هذه المجموعة متحمّسة لتقديم بعض المرجعيات الاجتماعية وهو ما لم يرق لبعض المرجعيات الأخرى فكانوا يستغلون المناسبات الدينية والاجتماعية للتعبير عن آرائهم وكان أجرأهم المرحوم والدي لذا كان اللسان الناطق بإسمهم حدثني بذلك الاستاذ محمد جواد الغبان، وفي إحدى المناسبات[32] قرأ الوالد قصيدة لأحد الشعراء اعتبرها الآخرون تعريضاً بهم فقاموا إليه ليأخذوا منه القصيدة ويعتبرونها وثيقة إدانة له –وقد حذروه اخوانه مسبقاً من تعرضه لهذا الموقف- فما كان منه إلا أن مزّق الورقة إرباً وألقاها من فتحة السرداب التي كانت قريبة منه ولم يحصلوا على ما يريدون.
وكان من أبرز آثاره الاجتماعية مساهمته في الاحتفالات العامة ذات الطابعين الديني والاجتماعي سواء من خلال إلقائه قصائد والده أو إصالة عن نفسه[33] في النجف وكربلاء وبغداد والبصرة وغيرها.
والإصلاح الملحوظ على الصعيدين الديني والاجتماعي الذي انعكس على أبناء مدينة الفضيلية ببغداد حين أقام فيها وكيلاً عن المرجع الديني حيث رقت المدينة بأهلها من مجتمع تسوده الجاهلية في جميع المجالات وتحرّكه الأعراف والتقاليد المنحرفة –ولا أقول بجميع أفراد بل ببضعهم ممن كتب له التوفيق- إلى مجتمع يعرف تعاليم دينه ويؤدي فرائض ربّه وقضى على بعض العادات الخاطئة.
كما كانت تعقد في فترات مختلفة ندوات علمية على مستويات ثلاثة –كل حسب قابليته- للكبار والشباب والأطفال يديرها المترجم وبعض أولاده.
وإقامته مجالس الوعظ والإرشاد الديني في مختلف المدن العراقية وغير العراقية.
كما كان غالباً ضمن الوفود التي تغادر النجف الأشرف ممثلةً لها أو للمرجعية العليا فيها بصحبة أحد أنجال السيد الحكيم (قدس سره) وعلماء آخرين لحضور الحفلات الدينية الكبرى أو لحل مشكلة اجتماعية أو مهام أخرى ومارس بعض هذه الأمور حتى بعد انتقاله إلى بغداد وكان من الأصوات الإعلامية الداعمة للمرجعية الرشيدة وحولها الواعون المخلصون من أبناء الحوزة الشريفة والعشائر وسائر أبناء المجتمع.
ويستطيع من يراجع مجلة الإيمان بأعدادها المختلفة أن يطّلع على الكثير من نشاطات المترجم أمّا بالنسبة لإثارة العلمية فلم يُعرف عن المترجم ميلٌ كبير إلى التفرّغ للعلم والتأليف وإنّما اكتفى بما حصل عليه من معلومات أثناء دراسته الأولى ومن خلال صحبته لوالده وبعض الفرص الأخرى لانشغاله كما قلنا بالنشاطات الاجتماعية وقضاء حوائج الناس، ولعل آثار المترجم العلمية لم تتعد ما يلي:
1- أصدر منذ عام 1383 هـ جـ / 1963م مجلة الإيمان وسنفرد لتعريفها عنواناً خاصاً.
2- نشر وصحّح مجموعة ضمّت ما ألقي من الشعر الرائع والنشر البليغ لجماعة من أفاضل الشعراء والأدباء والعلماء في حفلات لجنة الشباب النجفي بمناسبة يوم الغدير المبارك وطبعت المجلة المجموعة بعنوان (ذكرى عيد الغدير) عام 1371 هـ / 1951م.
3- تحقيق ديوان (الذخائر) والتعليق عليه، وهو مجموعة مما نظّمه والده رحمه الله في مدح ورثاء أهل البيت (عليهم السلام) طبع سنة 1369 هـ / 1950م.
4- تحقيق لم يتمه لمخطوطة والده (مع الشريف الرضي في ديوانه) تناول فيه تراجم مختصرة لحوالي (60) شاعراً ورد ذكرهم في الكتاب.
5- بحوث اسلامية وتاريخية وأدبية ومقاطيع شعرية نشر قسمٌ منها في المجلات المعروفة كالعرفان والغري والإيمان وما زال القسم الآخر مخطوطاً.
6- (مختارات حسينية) وهو كتاب مخطوط جمع فيه قصائد رائعة لمشاهير الشعراء في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) ورتّب على حروف الهجاء ومقتفياً أثر السيد محسن الأمين العاملي (قدس سره) في كتابه (الدرّ النضيد في مراثي السبط الشهيد).
7- (مناهل الوارد) مجموعة من المواضيع الدينية والتاريخية والأخلاقية مرتّبة بشكل مجالس حسينية ليسهل على خطباء المنبر الحسيني تداولها مخصّصة حسب المناسبات لأشهر محرم وصفر ورمضان.
6- وفاته:
انتقل إلى رحمة ربّه فجأة ليلة الأحد 4 شوال 1402هـ المصادف 25/7/1982م متوفياً بالسكتة القلبية، وجرى له تشييع مهيب في مدينة النجف وشاركت فيه مختلف الطبقات وصلى عليه العلامة المرحوم السيد محمد حسين الحكيم شقيق المرحوم العلامة السيد محمد تقي الحكيم ودُفن في مقبرة الأسرة في النجف ولقد أرّخ وفاته الشيخ عبد الغفّار الأنصاري وقال:
(موسى) لدار الحقّ لما مضى وفاز في الأخرى (بإيمانه)
بها أقرّ العين أرّخ (وقل أسكنه الله برضوانه
136+ 136+ 66+ 1064= 1402
وأحبّ أن أذكر أبياتاً للمرحوم الاستاذ الأديب صالح الجعفري قالها في رثاء الشيخ محمد علي اليعقوبي راجياً أن تنطبق على والده صاحب الترجمة، وقد نشرت الأبيات في ديوان الجعفري طبعته وزارة الثقافة والإعلام ص95.
أجاب ابن يعقوب داعي الإله وهاهو يسعد في نعمته
فإن جزتَ يوماً على قبره فشُمَّ الغوالي في تربته
تج نفحات رياض الجنا نِ تعبق بالطيب من روضته
لقد ضمَّ هذا الثرى سيداً قضى عمدة العمر في خدمته
ومن كان سيفاً على الظالميـ ـن تغمّده الله في رحمته
ومن آنس الحق في وحدته يؤانسه الحق في وحدته
ومن آزر الدين في غربته وقام الليالي على نصرته
محمد اليعقوبي
[1] الشيخ يعقوب الحاج جعفر، ولد في النجف سنة 1270/1853 تعلّم القراءة والكتابة عند أحد الكتابين ثم وكله أبوه إلى بعض المدرسين ليتعلم اللغة والعلوم اللسانية، وبعد وفاة أبيه وهو في التاسعة عشرة تولّى شون تربيته وتثقيفه (وصي أبيه) المرجع الديني آنذاك السيد مهدي القزويني فكلّفه بملازمة العالم الورع الحاج العلي الخليلي، حضر درس أشهر أساتذة الأخلاق كالشيخ حسين قلي الهمداني والشيخ جعفر الشوشتري وكان من النفر القليل الذين دونوا الكثير من أملاءات هذا الشيخ وفائدة التي كان يجلو فيها حقائق الدين وهو الذي شجعه على تعاطي الخطابة وممارسة الوعظ لما رأى من تضلعه في علمي الحديث والفقه وأخبار أهل البيت (عليهم السلام)، وكان محل ثقة كبار المجتهدين، وحصل على إجازتَي رواية من السيد مهدي القزويني والشيخ محمد حسين الكاظمي صاحب هداية الأنام. توجد له تراجم تفصيلية في عدة مصادر كأعيان الشيعة والطليعة والحصون المنيعة ونقباء البشر والبابليات ومقدمة ديوانه وغيرها.
[2] ترك الشيخ يعقوب المذكور النجف واستوطن الحلة والسماوة برهة من الزمن كما فعل ذلك بعض أنجاله لأسباب شتى اهمها الظروف السياسية والاضطرابات التي كان البلد يعاني منها.
[3] ديوان الشيخ يعقوب الحاج جعفر: ص56.
[4] مقدمة ديوان الشيخ يعقوب الحاج جعفر: ص3.
[5] مقاتل الطالبين: 96، تاريخ الطبري: 8/267 في حوادث سنة 121هـ.
[6] مج3: ص653 رقم الترجمة 9241.
[7] ص291.
[8] الاستبصار: ص292.
[9] الاستبصار: 291.
[10] ديوان (الذخائر) وقد طبع بتحقيق المترجم سنة 1369/1950 وكتاب الروضة الزاهرة للشيخ يعقوب و(ديوان الشيخ يعقوب) وقد طبع بتحقيق وتعليق ولده الشيخ محمد علي اليعقوبي عام 1382/1962.
[11] مجلة الإيمان، السنة3، العدد3-4، ص38-43.
[12] هو لمهيار الديلمي من قصيدة في آل مزيد وصدره (يتوارثون مكارماً مضرية) (منه).
[13] البابليات للشيخ محمد علي اليعقوبي، ج3، القسم الثاني، ص74.
[14] مجلة الإيمان، السنة 3، العدد 3-4، ص157.
[15] مقدمة ديوان الشيخ يعقوب الحاج جعفر، ص7. والمضرحي: الصقر الطويل الجناح.
[16] مجلة الإيمان، السنة2، العدد 7-10، ص387. من بحث بنفس العنوان للشيخ محمد هادي الأميني.
[17] من مقابلة التاريخ الهجري لما يوافقه من التاريخ الميلادي بموجب جدول تجدها مع شرحها في كتابنا (الرياضيات للفقيه).
[18] تاريخ الأحداث بالشعر مما اشتهرت به مدرسة النجف الأدبية، وهو فن رائع يدل على الذكاء وروعة الفن، وبيانه باختصار: انهم اعطوا للحروف العربية أرقاماً مسلسلة على ترتيب (أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ) فالألف(1) والباء (اثنان) حتى تصل إلى الياء (10) ثم الكاف (20) واللام (30) حتى تصل الى القاف وهي (100) ثم الراء (200) وهكذا حتى تكون الغين (ألف).
ويبدأ الحساب للجملة من بعد كلمة (أرخ) ومشتقاتها وقد ينقص التاريخ أرقاماً فيكمله الشاعر بما يكمله بنكتة أدبية كالبيتين المذكورين فإن الحساب ينقص خمساً فأكمله بقوله (بالخمس) وكلما كانت الجملة المختارة أكثر سبكاً وانطباقاً على الحدث كان التاريخ أكثر روعة وكتابنا هذا حافل بتواريخ سيجد فيها القارئ متعة وأنساً وسوف لا ألتزم بذكر حسابها جميعاً اكتفاءاً بما قلناه الآن.
[19] الخمس إشارة إلى الخمسة من أهل بيت العصمة (عليهم السلام) المعروفين بأهل الكساء وهم النبي 2 وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وان الحساب يحتاج إلى خمسة ليتم التاريخ.
[20] خطباء المنبر الحسيني، ج4، ص130، الطبعة الاولى.
[21] ولد في النجف سنة 1322، بدأ نظم الشعر مبكراً، كان من شعراء النجف البارزين وفيه نبوغ وعبقرية، توفي ولم يبلغ الخمسين عاماً، له ديوان شعر أعهده مخطوطاً عند بعض أحفاده.
[22] حسب الوثائق الصادرة من المدرسة والتي نحتفظ بأرقامها وتواريخها، وآخر تاريخ يوجد لدينا هو 24/5/1958.
[23] راجع للاطلاع على ملامح هذه المدرسة وأساليبها عدة مقالات لرجال الفكر في عدد مجلة الإيمان الخاص بذكر الشيخ محمد علي اليعقوبي وهو العدد 7-10/ السنة الثانية.
[24] ج1، ص156.
[25] فجعت وأنا أكتب هذه الكلمات بوفاة أخي الكبير الشيخ علي اليعقوبي، فوفاءاً لحقه سأفرد له ملحقاً في نهاية الكتاب أذكر فيه نبذة عن حياته.
[26] ديوان اليعقوبي، ج1، ص140- 141.
[27] له ترجمة تفصيلية في الجزء الرابع من كتاب البابليات.
[28] مجلة الايمان، السنة الثالثة، العدد 5-6، ص141.
[29] الاستاذ محمد جواد نجل المرحوم الحجة الأديب الشيخ عبد الكاظم الغبان ابن خال المترجم وابن عمته وتربطهما علاقة اكثر من الأخوة سنهما واحد فقد ولد بعد المترجم بأربعين يوماً. مكث في بيت خاله اليعقوبي اثنتي عشر سنة أكمل فيها تحصيل العلوم الدينية حتى السطوح العالية حيث درس الأصول عند الشيخ محمد رضا المظفر (رحمه الله) في مدرسة منتدى النشر على شكل محاضرات طبعت بعدئذ في كتابه المعروف (أصول الفقه للمظفر) ودرس الكفاية عند المرحوم السيد محمد صادق الصدر. وهو أديب متضلع في علوم العربية وشاعر جيد استفاد من خاله كثيراً. درس في منتدى النشر وكان من تلامذته الكثير من الفضلاء والعلماء الموجودين حالياً والماضين منهم، انتقل إلى بغداد في الخميسنات وعمل في إدارة المدارس الجعفرية والتدريس فيها، نال شهادة الماجستير من القاهرة في نهاية السبعينات. له مراسلات ومطارحات أدبية مع عدد كبير من كبار الأدباء والمفكرين والأساتذة في عدد من الدول العربية والإسلامية وشارك في مؤتمرات وندوات عديدة.
بدأ نظم الشعر مبكراً وأول قصيدة له دخلت التاريخ –على تعبير خاله اليعقوبي- تلك التي رثى بها المرحوم آية الله السيد أبا الحسن الأصفهاني في سنة 1365/1946 وهو ابن عشرين عاماً وأثبتها المرحوم السيد محسن الأمين العاملي في كتاب أعيان الشيعة.
بدأ التأليف مبكراً أيضاً بكتابه القيّم (جعفر بن أبي طالب) الذي قرّظه المرحوم آية الله الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء وأعيد طبعه عدة مرات. له دواوين شعر عديدة وكتب عديدة منها (الملاح التائه) الذي ردّ به على اشكالات الاستاذ عبد الله الملاح على كتاب السقيفة للمرحوم الشيخ محمد رضا المظفر.
كانت له ندوة اسبوعية في داره استمرت سنين يحييها عدد من رجالات الفكر والأدب وهي فرصة ثمينة للتحقيقات العلمية والمناظرات الأدبية ومن روّادها المرحوم الدكتور ابراهيم الوائلي والدكتور علي الوردي والدكتور حسين علي محفوظ والدكتور علي الصافي والاستاذ محمد صادق القاموسي ونظرائهم.
[30] الأديب صادق نجل المر حوم الشيخ محمد علي اليعقوبي، شاعر رقيق، ولد في النجف سنة 1357/1938 وأخذ الأدب والتاريخ واللغة على والده شيخ الخطباء، نظم الشعر وهو لم يتجاوز العشرين من العمر كان يغلب عليه الحسن الوطني والاهتمام بقضايا الأمة ويتفاعل مع أحداثها خصوصاً قضايا فلسطين والجزائر والمغرب ومصر، كما نظم كثيراً في ولاء أهل البيت (عليهم السلام)، نال عضوة جمعية الرابطة الأدبية في النجف سنة 1380/1960 وقدم فيها انتاجه الأدبي ونشر شعره في العديد من الصحف والمجلات، له ديوان شعر وتحقيق كتاب والده (نقد كتاب شعراء الغري) وكلاهما مخطوطان.
ترجم له ونشر عدداً من قصائده الاستاذ كاظم عبود الفتلاوي في مستدرك شعراء الغري (الجزء الأول ص257- 266)، وقد ذكره المرحوم الشيخ محمد هادي الأميني في كتابه (معجم رجال الفكر الأدب) هو والاستاذ الغبان ووالدي الشيخ موسى.
وهو والد العلامة الفاضل الشيخ حيدر اليعقوبي أحد مدرسي الحوزة العلمية في النجف الأشرف ولد سنة 1388/ 1968 وله مؤلفات عديدة مطبوعة منها معالم التكامل في المعرفة والعقيدة –القواعد الفقهية- طريقك إلى الجنة.
[31] مجلة الإيمان، السنة الثانية، العدد 7- 10، ص440- 424.
[32] حسب ما ذكر الأستاذ الغبان أنّها زواج المرحوم السيد محسن الحمامي.
[33] مجلة الإيمان، السنة الثالثة، العدد 5- 6، ص 141.