الشيخ مهدي الشيخ يعقوب الحاج جعفر الحلي
الشيخ مهدي الشيخ يعقوب الحاج جعفر الحلي
شقيق مولف كتاب البابليات واسن منه بعشر سنين وهو الثاني من انجال والده الاربعة ولد في النجف عام 1302 وعند نزوح ابيه من النجف الى السماوة لاسباب اشرنا اليها في ترجمة الشيخ يعقوب الحاج جعفر .
كان المترجم – لكتاب البابليات – ([1]) طفلا رضيعا فنشأ وتعلم القراءة والكتابة في السماوة وفي سنة 1313 انتقل والده الى الحلة الفيحاء مدينة العلم والادب فعني بتوجيه ولده وتربيته فاقتفى اثره وسلك نهجه واخذ عنه وعن المرحوم السيد رضا بن ابي القاسم ما يحتاجه الخطيب من العلوم اللسانية ولم يبارح اباه في حضر ولا سفر فلم تمض عليه الا برهة من الزمن حتى اصبح ذا احاطة واسعة في مختلف المواضيع المنبرية ولا اغالي اذا قلت انه كان يحفظ ثلاث ارباع نهج البلاغة بما عليها من شروح ابن ابي الحجيج وغيره وكان يحب الانعزال والانقطاع عن الناس والتفرغ للكتابة والتاليف وقد ترك من الاثار بضع مجلدات مخطوطة كلها بقلمه الا ما ندر منها في قلم والده دون فيهاما رواه ووعاه عن والده وغيره من فحول الخطباء وما انتخبه من الكتب المعول عليها عند الفريقين وهي لا تخلو من ضبط وتحقيق وبضع مجاميع اخرى تضم مئات من القصائد التي قيلت في اهل البيت عليهم السلام مدحاً ورثاء لمتقدمي الشعراء ومتاخريهم وهي احد مصادرنا في هذا الكتاب (البابليات) وقد استثنيت من مكتبته التي بيعت بعد وفاته واضخمها حجما مجموع سماه (الرائق) ويقع في (511) صحيفة.
كان لا يخشى من محافل الفيحاء – على كثرتها- سوى نادي ال السيد سليمان وجامعهم الذي كانت تنعقد فيه ندوات للمطارحات الادبية تتالف من السيد عبد المطلب وابن عمه الحسين بن حيدر والشيخ علي بن قاسم ووالد المترجم – لكتاب البابليات – والشيخ حمادي نوح ، وكان له ولع شديد بصحبة الاخير منهم ويروي الكثير من اشعاره على ما فيها من غريب اللفظ وغموض المعنى .
ومن حسناته تدوينه لشعر السيد مهدي بن سيد داوود بعدما كان في اوراق مبعثرة جمعها حفيده السيد عبد المطلب واكثرها بقلم السيد حيدر فدونه المترجم – لكتاب البابليات- في جزأين مرتبين على الحروف ولولاه لكان نصيب ذلك الديوان نصيب غيره من دواوين شعراء ذلك العصر التي عبتث بها ايدي الشتات والضياع ([2]) ، كما انه دون القسم الثاني من ديوان الشيخ عيد الحسين شكر النجفي وهو ما يختص بمراثي ال الرسول (ع) وعندنا نسخة الاصل منه .
ولما كانت سنة 1335 احس المترجم – الشيخ محمد علي – بالخطر بالخر التركي على الحلة حين داهمها (عاكف) بجيشه فخلص منها نجيا بعائلته الى قرية (جناجة) في قضاء الهاشمية واقام فيها ردحاً من الزمن الى ان عاد الى مسقط راسه النجف الاشرف سنة 1350هـ واستوطنها الى ان اجاب داعي ربه في الخامس عشر من شهر رجب 1372 هـ ومما هبط علينا من برقيات التعزية بوفاته بيتان للعلامة الاديب السيد صادق الموسوي الهندي نزيل الكاظمية وهما .
اعرني لسانك كيما به اقوم بما تقتضي التعزية
فأنت بمنزلة فوق ما اقول وانشيء للتسلية
وبرقية سماحة السيخ علي سادن الروضة الكاظمية وهي:
في آل يعقوب لكم اسوة وسلوة يا آل ((يعقوب))
تعاطى المترجم نظم الشعر في عنفوان صباه واما في دور كهولته وشيخوخته خصوصاً بعد مغادرته الحلة فقد تركه تركاً باتا وانصرف عنه الى اداء مهمته الخطابية وقد وقفنا على جملة من المقاطيع والمفردات نظمها في ذلك العهد واودعها احدى مجاميعه القديمة نثبت لك المختار منها .
ومن ذلك قوله في الحضرة الحسينية في كربلاء سنة 1328 هـ
عج والتثم حرما ملا |
ئكة السماء تطيل لثمه |
|
وزر الامام ابن الامام |
أخا الامام أبا الائمة |
|
واشمم شذا الارج الذي |
كان النبي يطيل شمه |
|
خير البرية بالطفوف |
عدت عليه شر أمه |
|
أبكى أباه وجده |
وأخاه والزهراء أمه |
|
نور برغم الشرك يأ |
بى الله الا أن يتمه |
وله من قصيدة في رثاء والده الخطيب الشهير الشيخ يعقوب ولم نجد منها سوى قوله :
ما ان ذكرتك ساعة الا جرى |
بمذاب قلبي مدمع هتان |
|
بالامس كنت لكل ناد زينة |
واليوم فيك ثرى القبور يزان |
|
من بالندي اليه بعدك تشخص |
الابصار او تصغي له الآذان |
|
أسفا على الاعواد بعدك اصبحت |
ينزو فلان فوقها وفلان |
|
قد كنت أفصح من تسنمها فمن |
قس بن ساعدة ومن سحبان ([3]) |
|
ولكم نصرت بني النبي بمقول |
ما البيض أمضى منه والخرصان |
|
بفرائد لك كالخرائد غردت |
فيها الحداة وغنت الركبان |
|
ما شيعوا للقبر نعشك وحده |
بل شيع المعروف والعرفان |
|
كلا ولا دفنوك وحدك انما |
دفن التقى والفضل والايمان |
|
ان اوحشت منك الديار فقد زهت |
بك في جوار بني النبي جنان |
وله من قصيدة في الامام موسى الكاظم سابع الائمة من أهل البيت صلوات الله عليهم.
تنام عيون بني نثلة |
وهاشم قرت على وترها ([4]) |
|
الى م على الضيم تغضي الجفون |
وقد حكم العبد في حرها |
|
تناست ببغداد ماذا جنت |
على عزها وذرى فخرها |
|
فقد غادرته رهين السجون |
ودست له السم من غدرها |
|
أباب الحوائج للقاصدين |
ومن كفه الغيث في وفرها |
|
أذلت فجيعتك المسلمين |
وأذكت حشا الدين في حجرها |
|
اتقضي ببغداد رهن القيود |
ونعشك يرمى على جسرها |
وله مخمسا ابيات السيد جعفر الحلي.
لست أنسى عقائل الطهر طه |
قد دهاها من العدى ما دهاها |
|
مذ جفاها ملاذها وحماها |
سلبتها أيدي الجفاة حلاها |
فخلا معصم وعطل جيد
هتفت والدموع تنهل شجوا |
وغدت تستجير لم تلف مأوى |
|
وبها العيس تقطع البيد عدوا |
ووراها كم غرد الركب حدوا |
للثرى فوك أيها الغريد
سيروهن حاسرات بوادي |
هاملات الدموع شبه الغوادي |
|
هذه تشتكي وتلك تنادي |
عجبا لم تلن قلوب الاعادي |
لحنين يلين منه الحديد
[1] ) وهو الشيخ محمد علي الشيخ يعقوب الحاج جعفر الحلي
[2] ) وفي مكتبتنا نسخة اصلية منها وقد نقل عنها السيد هادي بن سيد حمزة – حفيد الناظم – نسخة ثانية ونقل عنها الشيخ محمد السماوي نسخة ثالثة كما المعنا الى ذلك في ترجمة السيد مهدي في ج2 ص 71 من كتاب البابليات .
[3] ) قس بن ساعدة الايادي احد حكماء العرب في الجاهلية ، واول من قال في كلامه ( أما بعد ) عاش حتى أدرك زمن النبي « ص » ورآه في سوق عكاظ وسئل عنه فقال : يحشر امة وحده. وسحبان وائل خطيب يضرب به المثل ، يقال : أخطب من سحبان ، اشتهر في الجاهلية وعاش زمنا في الاسلام ، كان اذا خطب لا يعيد كلمة ولا يتوقف ولا يقعد حتى يفرغ ، اقام في دمشق ايام معاوية ومات سنة ed ه.
[4] ) نثيلة بنت كليب بن خباب ام العباس بن عبد المطلب كانت أمة لفاطمة بنت عمرو المخزومية أم عبد الله ابي النبي « ص » وام ابي طالب والزبير أولاد عبد المطلب ويقول ابو فراس في ميميته :
ولا لجدكم معشار جدهم |
ولا نثيلتكم من أمهم امم |