دروس وعبر من إعصار كاترينا

| |عدد القراءات : 3938
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save
تعرضت ثلاث من مدن الولايات المتحدة الأمريكية الواقعة جنوب شرقها الى إعصار كاترينا المدمّر ابتداءاً من يوم الإثنين 29/8/2005 وأدّى الى خسائر كبيرة بالأرواح والممتلكات قُدِّرت بمئة مليار دولار والقلق الأكبر هو من الأمراض والأوبئة التي ستحصل بسبب تفسخ الجثث وتغطية المدن (خصوصاً مدينة أورليانز في ولاية أريزونا) بالمياه الآسنة وتوقف الخدمات الأساسية وقد تألمنا لما حصل للضحايا خصوصاً وأنهم من السود والفقراء الذين لم يكونوا يملكون أجور الانتقال الى المدن الأخرى أو ليس لهم أقرباء يأوون إليهم أو أنهم لا يملكون إلا هذا المنزل بما فيه ويخشون عليه من تركه أما الأغنياء والمتخمون فقد وجدوا أكثر من سبيل للنجاة وقد أفرز هذا الحادث الذي وُصِف بأنه أعظم إعصار ضرب الولايات المتحدة دروساً عديدة يجب الاتعاظ بها والاستفادة منها:
1- وهن وضعف هذه الدول المستكبرة التي تدّعي أنها القوة العظمى الأوحد في هذا العالم وصدق عليهم قوله تعالى (مَثَلُ الذينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أوْلِيَاءَ كَمَثَلِ العَنكبُوتِ اتَّخَذَتْ بَـيتاً وإنَّ أوهَنَ البُيوتِ لَبيتُ العَنكبوتِ لَو كانُوا يَعلَمُون) وتحاول ان تكرّس هيمنتها بقوة السلاح لا بقوة الحق والعدل والمبادئ فتراها تعجز عن مواجهة الإعصار رغم علمها المسبق بحصوله لأنه ضرب أكثر من دولة في طريقه اليها ومع ذلك فقد أحدث فيها هذا الدمار الهائل وتداعياته الخطيرة التي عرّضت سمعة الولايات المتحدة  للهوان.
2- حالة التجرد من القيم التي يتّصف بها قادة الولايات المتحدة لأن التحقيقات تقول ان الإدارة الأمريكية كانت تعلم حجم الأضرار التي يسببها الإعصار ولم تتفاجأ به لكنها رأت من وجهة نظرها ان سكّان الولاية المنكوبة-وأكثرهم من السود والضعفاء- لا يستحقون بذل الأموال المطلوبة لحمايتهم من الكارثة فتلكّأوا في الاستجابة وهذا مؤشّر خطير على القيم والمعايير التي تؤمن بها الحضارة الغربية ونموذجها الارقى: الولايات المتحدة.

3- ضعف التركيبة الاجتماعية وتَمَزُّق نسيج المجتمع الأمريكي فبمجرد حصول الاعصار وما نجم عنه من فوضى في النظام وغياب السلطة انتشرت عصابات السُرّاق والقتل وبدأت عمليات تصفيات الحسابات السود مع البيض والتعبير عن شعورهم بالمظلومية والاضطهاد والحرمان من قبل هؤلاء البيض مما اضطَرَّ الدولة الى جلب القوات الاضافية وإعطائها الرخصة بإطلاق النار فوراً عند الحاجة.

*نشر في الصادقين على الصفحة الاولى من العدد (31) الصادر بتاريخ 11 شعبان 1426 الموافق 15 ايلول 2005