نور (91)... قضية الحسين(ع) عنوان لقضايانا

| |عدد القراءات : 4181
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

بسم الله الرحمن الرحيم

قضية الحسين (ع) عنوان حياتنا [1]

السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين (ع) رزقنا الله وإياكم شفاعتهم وصحبتهم يوم الورود.

شاء الله تبارك وتعالى أن يفتتح سنتنا الهجرية بأيام عاشوراء التضحية والفداء والإصلاح، وكأنها تعني فيما تعني جعل قضية الحسين (ع) عنواناً لقضايانا، والعنوان كما تعلمون يختزن كل تفاصيل ومضامين المعنون، كما أن عنوان الكتاب يتكون من كلمتين أو ثلاث لكنه يعطي فكرة عن الكتاب كله وكأن الله تعالى أراد منّا أن نجعل من قضية الحسين (ع) مضمون حياتنا الذي يجب أن نسير عليه، ولا عجب في ذلك فقضية الحسين (ع) هي قضية التوحيد الكبرى والإسلام المحمدي الأصيل والمبادئ الإنسانية النبيلة التي يتفق جميع الناس عليها.

وهكذا فإن قضية الحسين (ع) تصلح لأن تغطي كل حياتنا بتفاصيلها وتنوّعها، وقضية الحسين (ع) لا تقتصر على يوم عاشوراء وإن كان هو اليوم الذي خطف التاريخ ويستحق ذلك، الا أن يوم عاشوراء يوم من أيام الحسين (ع) التي امتدت سبعاً وخمسين عاماً وموقف من حياته المباركة التي هي كلها مواقف.

فقد تنوّعت أدواره المباركة في حياة الأمة جميعاً والشواهد كثيرة لسنا بصدد ذكرها فمن العلم والتدريس في مسجد جده (ص) والإفتاء إلى تجسيد الأخلاق الإلهية في حياته العملية إلى مساعدة المحتاجين ورعاية أيتام وأرامل الشهداء في معارك أبيه أمير المؤمنين (ع) خصوصاً في صفين إلى ممارسة وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتصحيحه للكثير من السلوكيات الاجتماعية المنحرفة إلى مواجهة الفتن والمشاكل التي تعصف بالأمة، إلى حماية الحق وأهله إلى إعلان كلمة الحق في وجه السلطات الحاكمة وعلى رأسها معاوية، ورسالته (ع) إليه بعد قتل الأجّلاء مثل حجر بن عدي الكندي ورشيد الهجري وعمرو بن الحمق الخزاعي.

وهكذا فإن حياة الحسين (ع) سفر خالد ومتنوع تنهل منه الأجيال إلى قيام يوم الساعة، ولنقف عند ظاهرة واحدة في حياته المباركة وهي –بالمصطلح المتداول- وعي الظروف التي يعيشها وتشخيص القرار الصائب المناسب لها الذي يجب أن يتخذه، وعندئذ تستطيع الإجابة عن سؤال مثار وهو إنه لماذا خرج الحسين (ع) على يزيد بن معاوية ولم يخرج على أبيه معاوية الذي ارتكب الموبقات في الإسلام وسفك الدماء المحرمة وقاتل الإمام الحق أمير المؤمنين(ع) وقتل سبط رسول الله (ص) الحسن المجتبى (ع) ولاحق شيعة أمير المؤمنين (ع) تحت كل حجر ومدر فهدّم دورهم وقطع أرزاقهم وقتل رجالهم؟

 وهكذا كان الإمام السجاد (ع) بعد أبيه لما دخل الكوفة مع عقائل بيت النبوّة وخطبوا بأهل الكوفة ندم هؤلاء وارتفعت أصواتهم بالعويل والبكاء وقالوا للإمام (ع): مرنا بأمرك قال (ع): هيهات أتريدون أن تأتوني كما أتيتم أبي من قبل، ولو استفاد المتصدون اليوم لأمور الأمة صغيرها وكبيرها سواء على الصعيد الديني أو السياسي أو الاجتماعي أو غيرها من سفر الحسين (ع) الواسع ووعوا الظروف المحيطة والتحديات المعقدة التي تواجه الأمة لاتصّفوا بالحكمة ولجنبوا الأمة كثيراً مما حلّ بها.

لقد كان السيد الشهيد الصدر الثاني (قده) واعياً لمتطلبات مرحلة ما بعد السيد الشهيد الصدر الأول (قده) فتصرف بحكمة وأسس لانطلاقة جديدة للحركة الإسلامية المباركة فقام –وهو فرد- بأمر الله تعالى وقدّم ما عجز عنه مجموع الآخرين فبارك الله تعالى في عمله لإخلاصه وتفانيه.

وبعد استشهاد السيد الصدر الثاني (قده) اجتمع الأخوة الذين كانوا يعملون معه (قده) وطلبوا منّي إمامة الجمعة في الكوفة وتصعيد الموقف رغم المنع الذي بلّغه لنا في مجلس العزاء كبار مسؤولي النظام الذين أوفدهم صدام المقبور لحضور مجلس العزاء، فاستحضرت موقف الإمام السجاد (ع) المتقدم وقلت لهم: ليس من الحكمة المضي بنفس الأسلوب وأزلام صدام متربصون بمن يخلف السيد الشهيد الصدر (قده)، تصوّروا لو أن الإمام السجاد استجاب للاندفاعة العاطفية التي سادت أهل الكوفة النادمين ونقترض انه سيطر على الكوفة، هل سيكون عمر هذه الحركة أكثر من أيام ويحصل له كما حصل لمسلم بن عقيل (رضوان الله تعالى عليه) بينما استطاع بتسديد الله تعالى ولطفه اللبث في الأمة (34) سنة بعد أبيه وتجاوز بهم تلك الأزمات الماحقة وسحب البساط من تحت الطغاة.

وقد قدّر الله تبارك وتعالى أن لا تخلو الأرض من حجة حتى في أشدّ النكبات وأقساها، خصوصاً في هذا البلد الكريم الذي قدّر الله تعالى له أن يحتضن عاصمة الإمام (ع) ويكون منطلق حركته لتأسيس دول الحق والعدل العالمية، وعليكم أن تبحثوا بوعي وبصيرة عن قيادتكم الحكيمة بعيداً عن الأهواء والتفرق والتشويش والإعلام المضلل ولا تذهبوا شرقا وغرباَ. والله الهادي.



[1] من حديث سماحة الشيخ اليعقوبي مع وفود من طلبة الكلية التقنية والمعهد التقني في النجف الأشرف وأهالي حي الزهراء في بغداد يوم السبت 2/محرم/1431 المصادف 17/12/2009.