(النور 81)

| |عدد القراءات : 2001
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

بسم الله الرحمن الرحيم

فاطمة: يغضب الله لغضبها(*)

          الحمد لله وحده، والحمد حقه كما يستحقه حمداً كثيراً، وأفضل الصلاة والسلام وأتمهما وأحسنهما وأزكاهما وأنماهما وأطيبهما وأطهرهما على سادة الخلق أجمعين: أبي القاسم محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والتسعة المعصومين أجمعين.

السلام عليكم أيها الحشد المبارك ورحمة الله وبركاته.

          لقد وصف الأئمة المعصومون (سلام الله عليهم) فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأعظم الأوصاف وأنزلوها أعظم المنازل ورتّبوا عليها أعظم البركات والآثار، روي عن الإمام الباقر (عليه السلام) قوله: (إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الأنبياء، ومنهاج الصلحاء، فريضة عظيمة بها تقام الفرائض وتأمن المذاهب وتحل المكاسب وترد المظالم وتُعمر الأرض ويُنتصف من الأعداء ويستقيم الأمر)([1]).

          وعن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خَلْقان من خَلْقِ الله، فمن نصرهما أعزّه الله، ومن خذلهما خذله الله)(2).

          وفي مقابل هذه الآثار المباركة على الأمة التي تقوم بالفريضة، فإن عواقب وخيمة تنزل بها إن تقاعست وتخاذلت، روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: (لا تزال أمتي بخير ما أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وتعاونوا على البر والتقوى، فإذا لم يفعلوا ذلك نُزعت منهم البركات وسُلّط بعضهم على بعض ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء)(3).

          وعن الإمام الرضا (عليه السلام) قال: (لتأمرُنَّ بالمعروف ولتنهُنَّ عن المنكر أو ليُستَعملَنَّ عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم)(4).

          وعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (ما قُدِّست أمة لم يؤخذ لضعيفها من قويّها غير مُتَعتَع)([2]).

          وخطب أمير المؤمنين (عليه السلام) فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (أما بعد فإنه إنما هلك من كان قبلكم حيثما عملوا من المعاصي ولم ينههم الربانيون والأحبار عن ذلك، وأنهم لما تمادوا في المعاصي ولم ينههم الربانيون والأحبار عن ذلك نزلت بهم العقوبات، فأْمُـرُوا بالمعروف وانهَوا عن المنكر واعلموا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لن يقرّبا أجلاً ولن يقطعا رزقاً)(2).

          وهذا كله في آيات كثيرة من كتاب الله تبارك وتعالى، قال سبحانه: [وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ] (آل عمران:104)  وقال عز من قائل: [كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ] (آل عمران:110)  وقال تعالى: [وَتَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ، لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الأِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) (المائدة:62-63) .

أيها الأحبة:

          إن هذه الفريضة المباركة العظيمة تحركها على أرض الواقع صفتان قلبيتان متلازمتان إذا ضمّهما القلب حرَّك الأعضاء هما: الغضب لله إذا عصي، والرضا إذا أُطيع، عن الإمام الصادق (عليه السلام) من حديث: (إذا رأى المنكر ولم ينكره وهو يقوى عليه فقد أحبَّ أن يُعصى الله، ومن أحبَّ أن يُعصى الله فقد بارز الله بالعداوة، ومن أحب بقاء الظالمين فقد أحب أن يعصى الله، إن الله تبارك وتعالى حمد نفسه على إهلاك الظالمين، فقال: [فَقُطِعَ دَابِرُ القَومِ الذِينَ ظَلَمُوا وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ] )(3).

          وعن أبي عبد الله الحسين (عليه السلام): (لا يحلّ لعين مؤمنة ترى الله يعصى فتطرف حتى تغيّره)(4).

          وعن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: (أوحى الله إلى شعيب النبي (عليه السلام) أني مُعذِّب من قومك مائة ألف أربعين ألفاً من شرارهم، وستين ألفاً من خيارهم، فقال (عليه السلام): يا رب هؤلاء الأشرار، فما بال الأخيار؟ فأوحى الله عز وجل إليه: داهَنوا أهل المعاصي ولم يغضبوا لغضبي)([3]).