ان الله يبدأ بالفرد أو بالعبد فيعرّفه عيوب نفسه فيشتغل بها عن عيوب الآخرين ثم يعرفه داء الدنيا ودوائها ولولا عيوب النفس لتجرد الفرد لله وطاعته من اول الامر، وانما هي التي تزيّن له حب الدنيا والطموحات وطاعة الشيطان والخضوع للخلق وغير ذلك كثير، اعاذنا الله منها جميعاً.
يجب على الفرد ان ينهى نفسه عن كل هوى، حتى وان كان من المباحات، طبعاً ما لم تقتض (التقية) خلاف ذلك، اعني بها التقية من النفس نفسها يعني عدم تحميلها ما لا تطيق والتقية من الآخرين بحفظ الظاهر معهم .
حاول ان لا تسمع راديو ولا تنظر الى تلفزيون صورة ولا صوتاً بقصد مجرد اللهو، فان اللهو مع الحاجة اليه يكفي فيه الكتب والعائلة والطعام والشراب والجهاد الاصغر ونحوه ولا ينبغي ان يشمل الراديو والتلفزيون حتى وان كان الشيء الصادر فيها حلالاً فضلاً عما اذا كان حراماً ولكن ممارستها المحللة بقصد راجح لا بأس به كما لو كان بقصد الاهتمام بأمور المسلمين او البحث عن عبرة او موعظة مقصودة او غيرمقصودة لقائلها، او الاطلاع على قوانين خلق الله سبحانه في الارض والسماء، ولكن ذلك مهما كان لا ينبغي ان يحول دون التزام الفرد بالجهاد الاكبر على اي حال.
حاول ان تكون على طهارة من الحدث من كلا نوعيه الاكبر والاصغر باستمرار وارفع الحدث بعد حصوله مباشرة . وان امكن - وهذا دونه في الفضل - وهو البقاء على طهارة من الخبث اي النجاسات الاعتيادية، باستمرار لو امكن ما عدا الضرورات كالمرض، او الضيق النفسي وعدم التحمل.
الجهاد الاصغر في حدوده مهم جداً الا انه لا ينبغي ان يعيقك او يلهيك عن الجهاد الاكبر، وانما ثوابه واهميته مستمدة منه فيما اعتقد ومع فراغ الجهاد الاصغر عن جنبة الجهاد الاكبر بالمرة فلا قيمة له عند الله على الاطلاق كما لو حصل بدوافع دنيوية ومحل الشاهد ان اعاقته عن الجهاد الاكبر مؤسف جداً الا اذا وصل حال الفرد الى درجة يقتنع فيها بانتصاره في الجهاد الاكبر ووصوله الى النتائج المتوخاة، عندئذ له ان يلتفت الى الناس فيهديهم كالأنبياء والاوصياء (عليهم السلام)، الا ان هذه المرحلة لم يتم طيّها كلها على اي حال.
الاقتصاد في الانفاق يجب ان يقتصر على النفس ولا يشمل العائلة فانهم غير مكلفين بما انت مكلف به ولا مدركين لما انت مدرك له والتوسعة على العيال مستحب مع سعة اليد ولا يحول دون ذلك إلاّ حرمة الاسراف والتبذير نعم، تعويدهم على القليل نسبياً بنيّة تقريبهم الى الطريق نسبياً ايضا وتجنيبهم (الشبهات) مهما كانت (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً) ... امر راجح على اي حال
الذكر القلبي اولى واهم من اللساني بل هو - في حدود تجربتي الخاصة - اسهل على النفس والذّ لها من الذكر اللسانية ، ولا تحاسب نفسك كثيراً لأنها قد تثور عليك.
احذرك من امرين: الاول: ان لا تكلف نفسك ما لا تطيق، الثاني: ان لا يأخذك العجب من طاعتك فإن عظمة الله سبحانه اجلّ من ان يستوفي حقها عبادة كل المخلوقين فضلاً عن مخلوق واحد مهما اوتي من قوة
اخذ الطاقة والوسع للنفس اكثر من الضروري، وعلامته انك قد تشعر بالسأم او الضعف او الهواجس غير المستحسنة. فيجب فوراً ترك ما باليد من التزام مهما كان هدفه مهماً. بل يحسن جداً عدم الضغط على النفس الى حد الوصول الى ذلك بل ترك الالتزام قبل ان يحصل السأم . فان الضغط الكثير قد تحصل منه المضاعفات التي لا يعلم نتائجها ومحتواها الا الله سبحانه. أجارنا الله سبحانه جميعاً من كل سوء وعثار.
الشيخ محمد اليعقوبي(دام ظله) - ارسل استفتاءك