(وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ) صفات المسؤول

| |عدد القراءات : 11454
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

بسمه تعالى

 (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ) (الصافات: 24)         

صفات المسؤول[1]

   روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوله (الا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راعٍ، وهو مسؤول عن رعيته والرجل راعٍ على اهل بيته وهو مسؤول عنهم والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم)[2].

وعن امير المؤمنين قال: اتّقوا اللّه في عباده و بلاده فإنّكم مسؤولون حتّى عن البقاع و البهائم، و أطيعوا اللّه و لا تعصوه)[3].

اذن كلنا مسؤولون، ولكن قد تختلف دائرة المسؤولية سعةً وضيقاً ولا يخلو احدٌ منها فانه مسؤول عن نفسه اولاً بتهذيبها وإصلاحها ثم عن اسرته وعائلته ثانياً وعن أصدقائه وزملائه في العمل وعن جيرانه وعن مجتمعه إذا كان في موقع المسؤولية السياسية او الدينية وهكذا الى ان تصل الى ولاية أمور الامة والمسؤولية العامة عن الناس وإدارة امورهم ورعاية شؤونهم.

وقد ذكرت الروايات الشريفة الصفات والخصائص التي ينبغي توفرها في المسؤول لينجح في عمله واداء وظيفته وليُعَّد محسناً عند الله تبارك وتعالى فينال رضاه، ورأيتها تركّز على صفة (الابوة) في المسؤول وأغلب الصفات المطلوبة في المسؤول – بأي مستوى كان – مندرجة في هذا العنوان بحيث ان النبي (صلى الله عليه واله وسلم) اختار هذا العنوان ليصف به نفسه واخاه امير المؤمنين (عليه السلام) قال ( انا وعلي ابن ابي طالب ابوا هذه الامة )([4]) .

 واقول لكم بصراحة ان اكثر صفة نفتقدها في الذين يتولون امراً ما صغيراً كان او كبيراً هي هذه الصفة وفقدانها سبب رئيسي لفشل عمل اكثر مؤسساتنا ليس فقط الرسمية بل حتى الخيرية والدينية والاجتماعية والثقافية.

روى الشيخ الكليني (قده) بسنده عن الامام الباقر (عليه السلام)  أنه قال ( قال رسول الله (صلى الله عليه واله) : لا تصلح الامامة إلا لرجل فيه ثلاث خصال : ورع يحجزه عن معاصي الله، وحلم يملك به غضبه، وحسن الولاية على من يلي حتى يكون لهم كالوالد الرحيم)[5].

وروى في نفس المصدر أنه (جاء الى أمير المؤمنين (عليه السلام) عسل وتين من همدان وحلوان فأمر العرفاء أن يأتوا باليتامى، فأمكنهم من رؤوس الازقاق يلعقونها وهو يقسمها للناس قدحاً قدحاً، فقيل له : يا أمير المؤمنين ما لهم يلعقونها؟ فقال : إن الامام ابو اليتامى وإنما العقتهم هذا برعاية الاباء)[6].

فما هي صفات وسلوكيات الوالد الرحيم التي ارادت الاحاديث الشريفة من كل مسؤول الاتصاف بها؟

اولاً : لنحققها في انفسنا ونعمل بها لأنها من مكارم الاخلاق ومحاسنها التي تنال بها الدرجات الرفيعة عند الله تعالى وهذا مما لا يلتفت اليه اكثر الناس ويغفلون عن هذه الوسيلة العظيمة المقرِّبة الى الله تعالى، عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) قال (إن العبد ليبلغ بحسن خلقه عظيم درجات الآخرة وشرف المنازل وانه لضعيف العبادة) وعنه (صلى الله عليه واله وسلم) قال ( ما من شيء اثقل في الميزان من حسن الخلق )[7] وعن الامام الصادق (عليه السلام) قال : (ما يَقْدِم المؤمنُ على الله عزّ وجلّ بعملٍ بعد الفرائض أحبَّ إلى الله تعالى مِن أن يَسَع الناسَ بخُلقه)[8] .

ثانياً: ولأننا محاسبون عليها كما نطقت به الآيات الشريفة، (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ) (الصافات: 24) (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ، عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الحجر: 92-93)

ثالثا: ولنأخذ دروساً في تربية الأبناء تربية صحيحة وفق تعاليم اهل البيت (عليهم السلام) وينبغي الالتفات الى ان بعض الصفات قد نعرضها من جانب مسؤولية الآباء في الاسرة ولكن لما طلبت الروايات المتقدمة من كل مسؤول يلي أمور مجموعة من الناس ان يكون كالوالد الرحيم لهم فعلينا تجريد هذه الروايات من خصوصياتها وتعميمها الى المسؤوليات الأخرى

 1- الحب للولد او للرعية إذا نظرنا الى المسؤولية الاجتماعية: عن الامام جعفر الصادق (عليه السلام)  قال : (قال موسى بن عمران: يا رب، أي الاعمال أفضل عندك؟ فقال عز وجل: حبُ الاطفال، فأني فطرتهم على توحيدي، فإن أمتُّهم أدخلتهم برحمتي وجنتي)[9].

وعن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) قال: (أحبوا الصبيان وارحموهم...)[10].

وعنه (صلى الله عليه واله وسلم) قال: (نظر الوالد الى ولده حباً له عبادة)[11].

عن الامام الصادق (عليه السلام)  قال: (إن الله عز وجل ليرحم العبد لشدة حبه لولده)[12] وفي الحقيقة فان الحب ينبغي ان يشمل كل الناس لانهم صنع الله تعالى وآثار قدرته والمحب يحب كل آثار محبوبه وما يرتبط به .

2-الرحمة: قال تعالى {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}[آل عمران : 159] وفي عهد امير المؤمنين عليه السلام لمالك الاشتر لما ولاه مصر ((وأَشْعِرْ قَلْبَكَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّةِ ، والْمَحَبَّةَ لَهُمْ ، واللُّطْفَ بِهِمْ . ولا تَكُونَنَّ عَلَيْهِمْ سَبُعاً ضَارِياً ، تَغْتَنِمُ أَكْلَهُمْ ؛ فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ : إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ ، وإِمَّا نَظِيرٌ لَكَ فِي الْخَلْقِ))[13] .

وفيما نحن فيه من علاقة الاب بأولاده، ورد عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم):((أحبوا الصبيان وارحموهم...))[14].                     

ومن مظاهر حب الولد والرحمة به: تقبيله، وتفريحه، وإرضاؤه، وإدخال السرور على قلبه، والمسح على رأسه، والنظر برحمة إليه...

عن رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم):(من قبل ولده كتب الله عز وجل له حسنة، ومن فرحه فرحه الله يوم القيامة، ومن علمه القرآن دعي بالأبوين فيكسيان حلتين يضيء من نورهما وجوه أهل الجنة)[15].

وعنه(صلى الله عليه واله وسلم):(قبلوا أولادكم فإن لكم بكل قبلة درجة في الجنة ما بين كل درجتين خمسمائة عام)[16].  

 وعنه(صلى الله عليه واله وسلم) لما قبل الحسن والحسين، فقال الأقرع بن حابس: إن لي عشرة من الأولاد ما قبلت واحدا منهم، فقال رسول الله:(ما علي إن نزع الله الرحمة منك)[17].  

وكان رسول الله يقبل الحسن والحسين، فقال عيينة : إن لي عشرة ما قبلت واحدا منهم قط فقال:(من لا يرحم لا يُرحم )[18].

عن الأمام موسى الكاظم عن أبائه (عليهم السلام)عن رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم):(إذا نظر الوالد الى ولده فسرّه، كان للوالد عتق نسمة، قيل: يا رسول الله، وإن نظر ستين وثلاثمائة نظرة؟! قال: الله أكبر)[19].

 وكان النبي إذا أصبح مسح على رؤوس ولده وولد ولده [20].

عن الأمام علي(عليه السلام): ((قبلة الولد رحمة))[21]

وعن رسول الله لما خرج على عثمان ابن مظعون ومعه صبي له صغير يلثمه، قال له:(ابنك هذا؟ قال نعم. قال: أتحبه يا عثمان؟ قال إي والله يا رسول الله، إني أحبه! قال(صلى الله عليه واله وسلم):أفلا أزيدك له حباً؟ قال: بلى، فداك أبي وأمي !قال(صلى الله عليه واله وسلم):إنه من يرضي صبيا له صغيرا من نسله حتى يرضى ترضاه الله يوم القيامة حتى يرضى)[22].

3- التغافل: وغضّ النظر عّما فعل وكأنك لم تعلم بما صدر منه من خطأ لكن مع الانتباه والمراقبة لما يفعل من طرف خفي.

وقد ورد هذا المعنى في بعض روايات ائمة اهل البيت (b) عن امير المؤمنين (عليه السلام) قال (إن العاقل نصفه احتمال، ونصفه تغافل )[23] .

وعنه (عليه السلام) قال : (اشرف اعمال – او أحوال- الكريم غفلته عما يعلم)[24]

وعن الامام الصادق (عليه السلام) قال : ( صلاح حال التعايش والتعاشر ملء مكيال ، ثلثاه فطنة، وثلثه تغافل ) [25] .

وعن الامام علي ابن الحسين السجاد (عليه السلام) قال : (( اعلم يا بني ان صلاح الدنيا بحذافيرها في كلمتين : اصلاح شأن المعايش ملء مكيال ثلثاه فطنه وثلثه تغافل ، لان الانسان لا يتغافل الا عن شيء قد عرفه ففطن له ))[26].

4- المداراة واللين والرفق بهم، وهو أدب عام من آداب المعاشرة مع الناس، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (أمرني ربي بمداراة الناس كما أمرني بأداء الفرائض)([27]) وعنه (صلى الله عليه وآله): (مداراة الناس نصف الإيمان، والرفق بهم نصف العيش)([28]) وعنه (صلى الله عليه وآله) (إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف)([29]).

فالرفق من صفات الله تعالى، ومقتضى التوحيد العملي – كما في المصطلح –  أن يتخلق الانسان بأخلاق الله فيكون رفيقاً، ويترك العنف والغلظة في الأفعال والاقوال على الخلق في جميع الأحوال، سواء صدر عنهم بالنسبة اليه خلاف الآداب او لم يصدر.

وروي عنه قوله (صلى الله عليه وآله): (خذوا بالناس الميسَّر ولا تملّوهم)([30]).

وعن رسول الله (صلى الله عليه واله) قال : (إن الله يحب الرفق، ويعين عليه)([31]).

وعنه (صلى الله عليه واله): (لو كان الرفق خلقاً ما كان مما خلق الله شيء أحسن منه)([32]).

وعنه (صلى الله عليه واله): (إن في الرفق الزيادة والبركة، ومن يحرم الرفق يحرم الخير)([33]).

وعن الامام جعفر الصادق (عليه السلام): (من كان رفيقاً في أمره نال ما يريد من الناس)([34]).

وكان آخر ما اوصى به الخضر، موسى بن عمران (عليه السلام) أن قال له (وإن أحب الأمور الى الله عز وجل ثلاثة.....الرفق بعباد الله، وما رفق أحد بأحد في الدنيا إلا رفق الله عزّ وجلّ به يوم القيامة)([35]).

          وهو من آداب الدعوة إلى الله تعالى وإلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:قال تعالى مخاطباً نبيه الكريم موسى وأخاه هارون (عليهما السلام): [اذْهَبَا إلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى، فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى] (طه:43-44)، وهذا الأدب له آثار نفسية واجتماعية كبيرة([36]) ويزيد من فرص التأثير والترغيب، أما الشدة والغلظة فتوجب النفور والعناد([37])، وقال تعالى: [ادْعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ] (النحل:125) وقال تعالى: [ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ] (فصلت:34).

ويتأكد هذا الادب في علاقة الوالدين بالأبناء،

5- العفو عنه : بمعنى عدم معاتبته ولا معاقبته او توبيخه، وقد اكد القران الكريم والنبي(صلى الله عليه واله وسلم)في منهاجه على مبدأ العفو في العلاقات الاجتماعية داخل الاسرة وخارجها بشكل عام.

قال تعالى: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور:22] فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا} [البقرة : 109]،{وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ } [البقرة : 219]، {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [البقرة : 237]، {إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا} [النساء : 149].

فالله تعالى رغم قدرته على العقاب وصف نفسه بانه عفو، ونحن مأمورون بان نتأدب بأدب الله تعالى { وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[النحل : 60]ونتخلق بأخلاقه أي اسمائه الحسنى (تخلقوا بأخلاق الله )[38] ففيما ناجى الله تعالى به نبي الله عيسى (عليه السلام)  ((طوبى لك  ان اخذت بأدب الهك)[39] .

عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) : ( رحم الله من اعان ولده على بره، وهو ان يعفو عن سيئته ويدعو له فيما بينه وبين الله )[40].

 

6- المشاورة والمشاركة في الرأي، قال تعالى(وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) (آل عمران: 159) ولأمير المؤمنين (عليه السلام) عشرات الكلمات في المشاورة[41] منها قوله (عليه السلام) (الشركة في الرأي تؤدي الى الصواب) (رقم 1942) و(حقٌ على العاقل أن يضيف الى رأيه رأي العقلاء، ويضمَّ الى عمله علوم الحكماء) (رقم 4920) و(من شاور الرجال شاركها في عقولها) (رقم 8652) و(ما استنبط الصواب بمثل المشاورة) (رقم 9527) وعلى صعيد العلاقة مع الولد فقد قيل في المثل العامي (إذا كبر ابنك خاويه) أي أجعل أبنك أخاً لك إذا بلغ الرشد.

وعن ابي عبد الله (عليه السلام ) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) : (عليكم بالعفو ، فان العفو لا يزيد العبد الا عزا، فتعافوا يعزكم الله ) [42].

فعلى المسؤول والمربي والمؤدب ان لا يلجأ الى استعمال اسلوب العقوبة مباشرة، بل يوازن بين اسلوب العفو و اسلوب العقوبة، فلعل اسلوب العفو عن العقوبة على السلوك غير المرغوب فيه يكون له فائدة اشد تأثيرا في العملية التربوية

7- بر الولد واعانته على البر: عن الامام الصادق (عليه السلام) قال : (قال رجل من الانصار للنبي (صلى الله عليه واله وسلم) : من أبر ؟ قال : والديك . قال قد مضيا . قال: برّ ولدك )[43]

وعن يونس بن رباط، عن الامام الصادق (عليه السلام)، عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) (( رحم الله من اعان ولده على بره، قال : قلت : كيف يعينه على بره؟ قال : يقبل ميسوره، ويتجاوز عن معسوره، ولا يرهقه، ولا يخرق به)) [44]

وعن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) قال : (رحم الله والداً أعان ولده على البر)[45]

وهكذا ينبغي للمسؤول اعانة رعيته على بِّره وطاعته من خلال أدائه لمسؤولياته كما ينبغي.

8- التصابي معه: فقد وجدنا الأحاديث الشريفة تحث الوالد على اللعب مع الطفل، والتصابي معه، بمعنى النزول الى مستوى مدارك الطفل الحسية والحركية وتعامل الاب معه كأنه صبي مثله.

عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) : ((من كان عنده صبي فليتصاب له ))[46]

وعن الامام علي (عليه السلام) ((من كان له ولد صبا))[47]

وعن جابر بن عبد الله الانصاري قال : دخلت على النبي ، والحسن والحسين على ظهره ، وهو يجثو لهما، ويقول : (( نعم الجمل جملكما ، ونعم العِدلان[48] انتما)) [49]

وعن سعد بن ابي وقاص : دخلت على رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) والحسن والحسين يلعبان على بطنه فقلت يا رسول الله أتحبهما فقال وما لي لا أحبهما وهما ريحانتاي))[50]

و عن أبي هريرة قال: كنا نصلي مع رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)العشاء, فإذا سجد, وثب الحسن والحسين على ظهره، فإذا رفع رأسه, أخذهما بيده من خلفه أخذا رفيقا , ويضعهما على الأرض، فإذا عاد, عادا، حتى إذا قضى صلاته, أقعدهما على فخذيه...)[51]

واذا اردنا نقل هذا المعنى الى الحالة العامة فنفهم منها رفع الحواجز بين المسؤول والناس ومشاركة الناس في فعالياتهم ومشاركتهم همومهم وافراحهم واحزانهم ولا نقصد بالحواجز المادية فقط وانما المعنوية اي بجعل الحواشي والحجّاب المانعين من وصول المظلومين والمحتاجين والبوح بمطالبهم من دون اي حزازة وقد يكون الحجاب بايجاد (اتكيت) او (برستيج) خاص كالتي كانت تعرف في زمن الامويين والعباسيين (رسوم دار الخلافة ) وألفّت الكتب فيها، تعرف احياناً في اوساطنا بالشأنية، فهذه كلها من مبتدعات الحكّام وليست من خصال الانبياء (عليهم السلام) والائمة وورثتهم من العلماء الصالحين، حيث لم يمّيز احد منهم نفسه عن الناس كما وصف احدهم امير المؤمنين بقوله ((كان فينا كأحدنا))

9- العدل والمساواة بينهم : عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم): (( ... اتقوا الله واعدلوا بين اولادكم ...)[52]

وعنه ((إن لهم عليك من الحق أن تعدل بينهم كما لك عليهم من الحق أن يبروك )) [53]

وعنه : ((ساووا بين اولادكم في العطية ))[54]

وعنه : (( إن الله تعالى يحب ان تعدلوا بين اولادكم حتى في القُبل))[55]

وعن الامام الصادق (عليه السلام) قال : نظر رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) الى رجل له ابنان، فقبّل احدهما وترك الآخر ، فقال له النبي : فهلا واسيت بينهما ؟))[56]

وعن النبي (صلى الله عليه واله وسلم): (( من كان له ابنة، فلم يؤذها، ولم يهنها ، ولم يؤثر ولده عليها ادخله الله الجنة)) [57]

وعن سعد بن سعد الاشعري قال : سألت ابا الحسن الرضا (عليه السلام) ...(( فقلت جعلت فداك، الرجل يكون بناته احب اليه من بنيه؟ قال الرضا (عليه السلام) : البنات والبنون في ذلك سواء، انما هو بقدر ما ينزلهم الله عزّ وجلّ منه ))[58]

وتطبيقه ان من يلي امر مجموعة من الناس عليه ان يعدل بينهم فلا يحابي او يجامل او يقرّب هذا وذاك لانه ذو مال او جاه او موقع ونحو ذلك .

 10- الاكرام والاحسان والتآلف : عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) قال : (( اكرموا اولادكم، واحسنوا آدابهم))[59]

وعنه قال : (( رحم الله عبداً أعان ولده على بره بالإحسان اليه، والتآلف له وتعليمه وتأديبه0))[60]

11- الشفقة : عن الامام علي (عليه السلام) قال : (( يجب عليك ان تشفق على ولدك اكثر من اشفاقه عليك)) [61] وهي مطلوبة في التعامل مع جميع الخلق، في الحديث القدسي (الخلق عيالي فاحّبهم اليَّ اشفقهم على عيالي )[62]

وهي منزلة عظيمة ينالها الانسان حيث يكون أحبَّ الخلق الى الله تعالى بكرة شفقته على الخلق، والخلق لا تقتصر على الانسان بل تشمل الحيوانات والحشرات وكل شيء من خلق الله تعالى .

12-الوفاء بالوعد: عن رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم):(أحبوا الصبيان، وأرحموهم، وإذا وعدتموهم شيئا فوفوا لهم ،فإنهم لا يدرون إلا أنكم ترزقونهم)[63].

وعن الأمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) ،قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم):(إذا واعد أحدكم صبيه فلينجز)[64]

وعنه (عليه السلام) ،قال:( (لا يصلح من الكذب جدُّ ولا هزل، ولا أن يعد أحدكم صبيه ثم لا يفي له، إن الكذب يهدي الى الفجور، والفجور يهدي الى النار.....)[65].

 وعن أبي الحسن (عليه السلام) ،قال:(إذا  وعدتم الصبيان فوفوا لهم ،فإنهم يَرَوْن أنكم الذين ترزقونهم ،إن الله عز وجل ليس يغضب لشيء كغضبه للنساء والصبيان)[66].

وهكذا المسؤول عليه ان يفي لرعيته بوعوده التي قطعها على نفسه ولا يجعلها خديعة ليعطيه   الناس اصواتهم ثم يدير ظهره لهم بعد تحقيق مبتغاه .

13- ايثارهم على النفس قال تعالى (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) (الحشر/9 ) فالأبوان يجوعان ليشبعا أطفالهما ويهجران لذيذ النوم من اجلهم ويشقيان في الحياة من اجل اسعادهم وهكذا يكون المسؤول كالوالد الرحيم للرعية وهذه الخصلة مما وصفت به السيدة الزهراء (عليها السلام) امير المؤمنين في خطبتها قالت : عليها السلام عنه عليه السلام (( ولم يكن يتحلى من الدنيا بطائل، ولا يحظى منها بنائل، غير ري الناهل وشبعة الكافل)[67]

14- ومن صفات المسؤول: سعة الصدر  في الحديث الشريف عن امير المؤمنين (عليه السلام) (آلة الرئاسة سعة الصدر )[68] .

15- ومن لوازم موقع المسؤولية النصيحة عن الامام الصادق (عليه السلام) قال : ( طلبت الرئاسة فوجدتها في النصيحة لعباد الله )[69].

 



[1] ) كلمة سماحة المرجع اليعقوبي (دام ظله) في تجّمع مرشدي قوافل الحجاج يوم الاثنين 27/شوال/1437 الموافق 1/8/2016

[2] ) صحيح مسلم: 3/1459/ 20

[3] ) نهج البلاغة: الخطبة 167 

[4] ) بحار الانوار: 36/6-9 والتفاصيل في خطاب المرحلة 9/64

[5] - اصول الكافي، ج1، كتاب الحجة، باب : ما يجب من حق الامام على الرعية، وحق الرعية على الامام.

[6] ) اصول الكافى ( الجزء الاول من الطبعة الحديثة ) : 406 .

[7] ) ميزان الحكمة : 3/134

[8] ) الكافي 100:2 / ح 4 )

[9] - البرقي، المحاسن،ج1،ص200،باب المحبوبات، ح15.

[10] - الكافي، ج6،ص49.

[11] - مستدرك الوسائل، ج15،ص170،ح17894.

[12] -  اصول الكافي، ج 6، ص 50.

[13] - جواهر البحار – كتاب الروضة: باب عهد أمير المؤمنين عليه السلام إلى الأشتر حين ولاه مصر

[14] - الكافي ح6/ص49

[15] - الكافي ج6 ص 49

[16] - مكارم الاخلاق ص 220

[17] مكارم الاخلاق ص 220

[18] - وسائل الشيعة ، ح27657

[19] - مستدرك الوسائل  ج15 / ص 169، ح17886

[20] - عدة الداعي ، ص87

[21] - مكارم الاخلاق ، ص220

[22] - كنز العمال ح 45958

[23] - غرر الحكم: 2378

[24] - نهج البلاغة / الحكمة 323

[25] - تحف العقول ص 393

[26] - الخزاز القمي / علي ابن محمد ، كفاية الاثر ص240 . تحقيق عبد اللطيف الحسني ، انتشارات بيدار ن مطبعة الخيام قم 1401 م

([27]) الكافي: 2/117.

([28]) الكافي: 2/117.

([29]) الكافي: 2/120.

([30]) كنز العمال: ح 5393.

[31] - الكافي،ن.م،ح12.

[32]-  الكافي،ن.م،ح 13.

[33] - الكافي،ن.م،ح 7.

[34]- الكافي،ن.م،ح 16.

[35] - الصدوق، الخصال، ص111.

([36]) من الفوائد المرتبطة بالآية ما رواه الشيخ (قدس سره) في التهذيب بسنده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: (إن الحرب خدعة.. واعلم أن الله عز وجل قال لموسى (عليه السلام) حين أرسله إلى فرعون: [فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى] وقد علم أنه لا يتذكر ولا يخشى ولكن ليكون ذلك أحرص لموسى (عليه السلام) على الذهاب) (التهذيب: 6/163/299)، قال تعالى: [إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ] (النساء:142) –أي مجازيهم بالخداع-.  والخداع كما عن مفردات الراغب: ((إنزال الغير عما هو بصدده بأمر يبديه على خلاف ما يخفيه)) والمكر: ((صرف الغير عما يقصده بحيله وهو محمود ومذموم بحسب ما يراد منه، والاستدراج والإمهال من مكر الله)).

([37]) هذا بحسب الغالب أو بحسب ما يناسب مع مراعاة المراتب وبعضها غليظ كما هو واضح، كما عبّر الشاعر بقوله:

ووضع الندى في موضع السيف في العلا     مُضِرٌٌّ كوضع السيف في موضع الندى.

[38] - الجامع الحديثي الثانوي كتاب بحار الأنوار للعلامة المجلسي.

[39] - الكافي : ج8/ ص135

[40] - الحلي احمد ابن فهد عدة الداعي ونجاح الساعي ، ص 86 مؤسسة الرسول الاعظم ، العراق ط1 2010 م

[41] - هداية العلم في تنظيم غرر الحكم:311.

[42] - الكافي : ج2/ ص 108

[43] - الكافي ج6، ص49

[44] -  الطوسي محمد بن الحسن ، تهذيب الاحكام في شرح المقنعة ج8/ص113 ح390 تحقيق الموسوي الخرساني ، دار الكتب الاسلامية طهران،1365هـ شرح مفردات الحديث ((لايرهقه )): أى لا يسفه عليه ولا يظلمه من الرهق محركة او يحمل عليه ما لا يطيقه. و((الخرق )) بالضم: الحمق والجهل اى لا ينسب اليه الحمق.

[45] - مستدرك الوسائل ،ج15/ ص168/ ح17885

[46] - من لا يحضره الفقيه ج3،ص483، ح4707

[47] - الكافي ج6/ص50

[48] - العدلان مثنى العِدل وهو نصف الحمل على احد شقي الجمل وسميا ب1لك لتساويهما

[49] - ابن شهر آشوب ، محمد بن علي ، مناقب آل ابي طالب ج3/ص158 تحقيق لجنة اساتذة من النجف الاشرف المطبعة الحيدرية 1376هـ -1956 م والطبراني ، سليمان بن احمد المعجم الكبير ج3/ص52، تحقيق عبد المجيد السلفي ، دار احياء التراث العربي ط2، 1404هـ 1984م.

[50] - الهيثمي- المصدر: مجمع الزوائد - الصفحة أو الرقم: 9/184 خلاصة حكم المحدث: رجاله رجال الصحيح‏‏

[51] - (حم) 10669، انظر الصحيحة: 3325، وقال الأرناؤوط: إسناده حسن.

[52] - كنز العمال ، ج16ص445

[53] - كتاب السنن الكبرى – عن ابي داوود

[54] - كتاب حديث خالد بن مرداس السراج /حديث 12

[55] - ميزان الحكمة – ج4/ص3673

[56] - من لا يحضره الفقيه ج3/ص483

[57] - عوالي اللئالي، ج1،ص181

[58] - الكافي ج6 / ص51

[59] - مستدرك الوسائل ج15/ص167،ح17883

[60] - مستدرك الوسائل ج15/ص167،ح17886

[61] - شرح نهج البلاغة : ج20 / الحكم المنسوبة الى امير المؤمنين (g) ح 152

[62] - دعائم الإسلام ج2 ص320 ح1207. وشرح نهج البلاغة: ج20 ص340 الرقم 893

[63] - الكافي ج6، ص49

[64] - مستدرك الوسائل ، ج15،ص 170، ح 17893

[65] - الصدوق / الامالي ،ص505ن ح696 تحقيق قسم الدراسات الاسلامية – مؤسسة البعثة، طهران ط1،1417هـ

[66] - الكافي ج6، ص 50

[67] ) الاحتجاج: 1/139

[68] - نهج البلاغة / الحكمة 176

[69] - مستدرك الوسائل : 12/173/ ح 13810