موعظة سجّادية

| |عدد القراءات : 1185
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

بسمه تعالى

موعظة سجّادية([1])

روى الشيخ الصدوق (رضوان الله تعالى عليه) في كتابه علل الشرائع  أنه (رأى الزهري ــ وهو من فقهاء المدينة المشهورين ــ علي بن الحسين (‘) ليلة باردة مطيرة ــ حيث يأوي الناس إلى بيوتهم لتوقي البرد والمطر ــ وعلى ظهره دقيق وحطب وهو يمشي فقال له ــ متعجباً ــ يا بن رسول الله ما هذا؟ قال: أريد سفرا أعد له زادا أحمله إلى موضع حريز فقال الزهري: فهدا غلامي يحمله عنك ــ لان الامام (×) بمنزلته العظيمة لا يليق به اجتماعياً هذا الفعل ــ فأبى، قال انا أحمله عنك فأني أرفعك ــ أي أُجلِّك ــ  عن حمله فقال علي بن الحسين لكني لا أرفع نفسي عما ينجيني في سفري ويحسن ورودي على ما أرد عليه أسألك بحق الله لما مضيت لحاجتك وتركتني، ــ يقول الزهري ــ فانصرفت عنه فلما كان بعد أيام قلت له: يا بن رسول الله لست أرى لذلك السفر الذي ذكرته أثرا، قال بلى يا زهري ليس ما ظننته ــ من الاسفار والرحلات في الدنيا ــ ولكنه ــ سفر ــ الموت وله كنت استعد، إنما الاستعداد للموت تجنب الحرام وبذل الندى والخير.)([2])

يقدِّم الامام السجاد (×) موعظة عملية بهذه الحركة يصوِّر فيها رحلتنا في هذه الدنيا نحو الآخرة لأننا كلنا ننتهي إلى الموت (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ) (الزمر:30) وقد ورد وصف وجودنا في هذه الدنيا بالسفر في احاديث كثيرة كما في وصية الامام الحسن (×) لجنادة (استعد لسفرك وحضّر زادك قبل حلول أجلك)([3]) فالسفر يحتاج إلى زاد ومؤونة ولوازم لا يستطيع انهاءه بنجاح الا باكتمال تلك المقدمات وقد نبّهت الآية الشريفة إلى الزاد النافع في هذا السفر الذي لابد منه قال تعالى (وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ) (البقرة:197).

وقد بيَّن الامام السجاد (×) في موعظته هذه باختصار طبيعة الاستعداد للموت بكلمتين (تجنب الحرام وبذل الندى في الخير) وهما على اختصارهما الا انهما تعطيان إطاراً عاماً لما يجب فعله وما يجب تركه، كما اختصر قول آخر تعريف التقوى بأن (يجدك الله تعالى حيث يحب، ويفتقدك حيث يكره).

فيتحقق الاستعداد للموت بالمسارعة إلى فعل الخيرات واجبها ومستحبها وبمداها الواسع الذي يشمل كل وجوه البر والإحسان، وتجنب كل ذنب ومعصية وشرّ وظلم واعتداء على الآخرين في انفسهم أو أموالهم أو سمعتهم وكرامتهم واجراء مراجعة باستمرار لتدارك ما وقع في الزمان الماضي ومعالجة آثاره.

 



([1]) من حديث سماحة المرجع اليعقوبي (دام ظله) مع جمع من الشباب وطلبة مقدمات العلوم الدينية وبعض المنظمات الإنسانية يوم السبت 30/ محرم / 1439 الموافق 21 / 10 / 2017.

([2]) علل الشرائع: 231، باب 65 ح 5

([3]) كفاية الأثر وأوردها عنه المجلسي في بحار الانوار: 44/138.