ولا لأحدٍ فيك مطمع - اقطع طمع أهل الباطل فيك

| |عدد القراءات : 2010
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

بسمه تعالى

 (ولا لأحدٍ فيك مطمع)

اقطع طمع أهل الباطل فيك[1]

توجد عبارة وردت في زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام) وهي تجري في حق سائر الائمة (عليهم السلام) وهي (ولا لأحدٍ فيك مطمع)[2] وفي زيارة أخرى (ولا لخلق فيك مطمع)[3].

ولا تؤخذ العبارة على إطلاقها لان الطمع في صدور الخير والإحسان منهم (عليهم السلام) في الدنيا والآخرة موجود وهم أهله، لانهم (عليهم السلام) تجليات الصفات الإلهية والاسماء الحسنى ومنها الطمع في نيل كل خير منه تبارك وتعالى ودفع كل شر وسوء (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) (السجدة:16) وقال تعالى (وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً) (الأعراف:56) وورد في دعاء شهر رجب (يامن أرجوه لكل خير) أي أطمع في نيل كل خير منه وفي دعاء الافتتاح في ليالي شهر رمضان (اللهم ان عفوك عن ذنبي و.... أطمعني في أن اسألك ما لا استوجبه منك) وفي دعاء الامام السجاد (عليه السلام) المعروف بإسم أبي حمزة الثمالي (اذا رأيت مولاي ذنوبي فزعت واذا رأيت كرمك طمعت) وورد في صفات المؤمن (الخير منه مأمول)[4] وهم (عليهم السلام) سادة المؤمنين.

فالمقصود من العبارة الواردة في الزيارة انه لا يطمع أحد في ان ينال شيئاً محاباة او مداهنة أو ابتغاء مصلحة ما على خلاف الحق والعدل، مستخدماً نفوذه في السلطة أو القضاء أو الإدارة أو أي موقع قرار آخر، والعبارات التالية لها تشرحها (الضعيف الذليل عندك قوي عزيز حتى تأخذ له بحقه، والقوي العزيز عندك ضعيف ذليل حتى تأخذ منه الحق، والقريب والبعيد عندك في ذلك سواء).

وهذه صفة كريمة على الانسان التحلّي بها بأن لا يطمع أحد في ان يجرَّك إلى باطل او يدفعك إلى ظلم أو شر والشيطان يحصل له اليأس من تزيين الإيقاع في المعصية والذنب فيترك الوسوسة والتزيين ويخنس، حتى النفس الامّارة بالسوء تصبح بعد المجاهدة والرياضة مستسلمة مذعنة طيِّعة لا تطمع إلى تلبية غرائزها وأهوائها، فاذا انقطع طمع هؤلاء فانهم سيبتعدون ويخلونّك وشأنك من دون تأثير سلبي بفضل الله تعالى.

سمعت حكاية رمزية من بعضهم ان طيراً محبوساً  في قفص في دار صاحبه اتخذه للزينة والاستمتاع قال لطير آخر يتحرك بحرية في الجو: انني احسدك على هذه الحرية لأنك تطير حيث تشاء فتطوف تارة بالكعبة المشرفة وأخرى بقبر النبي (صلى الله عليه وآله) وعترته وانا محروم من ذلك كله، فقال الاخر: انك تستطيع ان تصير حراً مثلي وانت بإرادتك اخترت حياة السجن، فسأله: كيف؟ قال: انا أيضاً كنت محبوساً في قفص صاحبي فقررّت التحرر منه فامتنعت عن تناول الطعام والشراب الذي يقدّمه لي حتى اعتلّ صحتي وخارت قواي ويأس صاحبي من حياتي فخشي ان أموت داخل القفص فأخرجني ونلت حريتي، فهل تستطيع انت ان تجاهد نفسك وتقطع طمع صاحبك فيك حتى ييأس منك ويطلق سراحك.

وهكذا اذن يمكن قطع طمع الشيطان في ابن آدم عندما يغلق عليه منافذ الغواية والإضلال ، روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) قوله (الا اخبركم بشيء ان أنتم فعلتموه تباعد الشيطان منكم كما تباعد المشرق من المغرب؟ قالوا بلى، قال (صلى الله عليه وآله): الصوم يسوِّد وجهه والصدقة تكسر ظهره والحب في الله والمؤازرة على العمل الصالح يقطع دابره والاستغفار يقطع وتينه)[5].

ومما ورد في هذا المجال ايضاً قول النبي (صلى الله عليه وآله) (لا يزال الشيطان ذَعِراً من المؤمن ما حافظ على الصلوات الخمس لوقتهنّ فاذا ضيّعهن تجرأ عليه فأدخله في العظائم ــ أي كبائر الذنوب ــ )[6].

وقد ورد النهي في عدة آيات كريمة عن اتباع خطوات الشيطان (ولاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) (البقرة:168)،(البقرة:208)،(الانعام:142)،(النور:21) وقال تعالى (وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ) (النور:21) وانما أصبحت خطوات لأنها تأتي خطوة بعد خطوة اذ يخدعه الشيطان بمعصية يسيرة من وجهة نظره فيستجيب له فيطمع بمعصية أكبره وهكذا.

فالمرأة مثلاً يغريها بتخفيف حجابها ثم بوضع الزينة عند خروجها مع الغرباء ثم بملاطفتهم والانبساط معهم ثم بخلع الحجاب امام الأجنبي وهكذا إلى ان يوقعهم في الجرائم العظيمة، وكان الحل والعلاج في قطع طمعه من اول خطوة فان اللعين سيتركه ويوّلي عنه هارباً.

وهذا هو الحل نفسه للمبتلين بالوسواس في الطهارة او العبادات او أي امر اخر فانهم باستجابتهم لوسوسة الشيطان يطمعونه بالمزيد فتتركز الحالة عندهم ويصبح أثقل شيء عليهم أداء الفرائض والواجبات.

 



[1]- القيت على حشد كبير من الوفود الزائرة يوم السبت 20 ربيع الاول 1439 الموافق 9/12/2017.

[2] - زيارة أمير المؤمنين(عليه السلام) في ذكرى استشهاده، ضياء الصالحين: 82

[3] - مفاتيح الجنان زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام) ليلة المبعث النبوي

[4] - الخصال: 326 أبواب العشرة، ج 17

[5] - امالي الصدوق: 117 ح 102

[6] - الوسائل ج4 ص28.